“شؤون صغيرة تمر بها أنت .. دون التفات تساوي لدي حياتي جميع حياتي.. حوادث .. قد لا تثير اهتمامك أعمر منها قصور وأحيا عليها شهور وأغزل منها حكايا كثيرة وألف سماء.. وألف جزيرة.. شؤون .. شؤونك تلك الصغيرة فحين تدخن أجثو أمامك كقطتك الطيبة وكلي أمان ألاحق مزهوة معجبة خيوط الدخان توزعها في زوايا المكان دوائر.. دوائر وترحل في آخر الليل عني كنجم، كطيب مهاجر وتتركني يا صديق حياتي لرائحة التبغ والذكريات وأبقي أنا .. في صقيع انفرادي وزادي أنا .. كل زادي حطام السجائر وصحن .. يضم رمادا يضم رمادي.. *** وحين أكون مريضة وتحمل أزهارك الغالية صديقي.. إلي وتجعل بين يديك يدي يعود لي اللون والعافية وتلتصق الشمس في وجنتي وأبكي .. وأبكي.. بغير إرادة وأنت ترد غطائي علي وتجعل رأسي فوق الوسادة.. تمنيت كل التمني صديقي .. لو أني أظل .. أظل عليلة لتسأل عني لتحمل لي كل يوم ورودا جميلة.. *** وإن رن في بيتنا الهاتف إليه أطير أنا .. يا صديقي الأثير بفرحة طفل صغير بشوق سنونوة شاردة وأحتضن الآلة الجامدة وأعصر أسلاكها الباردة وأنتظر الصوت .. صوتك يهمي علي دفيئا .. مليئا .. قوي كصوت نبي كصوت وارتطام النجوم كصوت سقوط الحلي وأبكي .. وأبكي .. لأنك فكرت في لأنك من شرفات الغيوب هتفت إلي.. *** ويوم أجيء إليك لكي أستعير كتاب لأزعم أني أتيت لكي أستعير كتاب تمد أصابعك المتعبة إلى المكتبة.. وأبقي أنا .. في ضباب الضباب كأني سؤال بغير جواب.. أحدق فيك وفي المكتبة كما تفعل القطة الطيبة تراك اكتشفت؟ تراك عرفت؟ بأني جئت لغير الكتاب وأني لست سوى كاذبة *** .. وأمضى سريعا إلى مخدعي أضم الكتاب إلى أضلعي كأني حملت الوجود معي وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستور وأنبش بين السطور .. وخلف السطور وأعدو وراء الفواصل .. أعدو وراء نقاط تدور ورأسي يدور .. كأني عصفورة جائعة تفتش عن فضلات البذور لعلك .. يا .. يا صديقي الأثير تركت بإحدى الزوايا .. عبارة حب قصيرة .. جنينة شوق صغيرة لعلك بين الصحائف خبأت شيا سلاما صغيرا .. يعيد السلام إليا .. *** وحين نكون معا في الطريق وتأخذ - من غير قصد - ذراعي أحس أنا يا صديق .. بشيء عميق بشيء يشابه طعم الحريق على مرفقي .. وأرفع كفي نحو السماء لتجعل دربي بغير انتهاء وأبكي .. وأبكي بغير انقطاع لكي يستمر ضياعي وحين أعود مساء إلى غرفتي وأنزع عن كتفي الرداء أحس - وما أنت في غرفتي - بأن يديك تلفان في رحمة مرفقي ”

نزار قباني

Explore This Quote Further

Quote by نزار قباني: “شؤون صغيرة تمر بها أنت .. دون التفات تساوي لدي ح… - Image 1

Similar quotes

“وحين أجيء إليكَ لكي أستعير كتاب لأزعم أني اتيت لكي أستعير كتابتمد أصابعكَ المتعبه إلى المكتبه وأبقى أنا في ضباب الضباب كإني سؤالٌ بغير جوابأُحدق فيكَ وفي المكتبه كأنني القطةُ الطيبه تُرآكَ أكتشفت ؟!تُرآكَ عرفت ؟!بأني جئتُ لغير الكتابوأني لستُ سِوى كآذبه !!”


“وحين نكون معاً في الطريقوتأخذ -من غير قصد- ذراعيأحسُ أنا ياصديق .بشيئَّ عميق”


“متى ستعرف كم أهواك يا رجلا أبيع من أجله الدنيـــا وما فيهايا من تحديت في حبي له مدنـا بحالهــا وسأمضي في تحديهـالو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك أرميهاأنـا أحبك فوق الغيم أكتبهــا وللعصافيـر والأشجـار أحكيهـاأنـا أحبك فوق الماء أنقشهــا وللعناقيـد والأقـداح أسقيهـــاأنـا أحبك يـا سيفـا أسال دمي يـا قصة لست أدري مـا أسميهاأنـا أحبك حاول أن تسـاعدني فإن من بـدأ المأساة ينهيهـــاوإن من فتح الأبواب يغلقهــا وإن من أشعل النيـران يطفيهــايا من يدخن في صمت ويتركني في البحر أرفع مرسـاتي وألقيهـاألا تراني ببحر الحب غارقـة والموج يمضغ آمـالي ويرميهــاإنزل قليلا عن الأهداب يا رجلا مــا زال يقتل أحلامي ويحييهـاكفاك تلعب دور العاشقين معي وتنتقي كلمــات لست تعنيهــاكم اخترعت مكاتيبـا سترسلها وأسعدتني ورودا سوف تهديهــاوكم ذهبت لوعد لا وجود لـه وكم حلمت بأثـواب سأشريهــاوكم تمنيت لو للرقص تطلبني وحيـرتني ذراعي أين ألقيهـــاارجع إلي فإن الأرض واقفـة كأنمــا فرت من ثوانيهــــاإرجـع فبعدك لا عقد أعلقــه ولا لمست عطوري في أوانيهــالمن جمالي لمن شال الحرير لمن ضفـائري منذ أعـوام أربيهــاإرجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا فمــا حياتي أنا إن لم تكن فيهـا”


“حوادث .. قد لا تثير اهتمامكأعمر منها قصوروأحيا عليها شهوروأغزل منها حكايا كثيرةوألف سماء وألف جزيرة”


“أخاف أن تمطر الدنيا، و لست معيفمنذ رحت.. و عندي عقدة المطركان الشتاء يغطيني بمعطفهفلا أفكر في برد و لا ضجرو كانت الريح تعوي خلف نافذتيفتهمسين: تمسك ها هنا شعريو الآن أجلس .. و الأمطار تجلدنيعلى ذراعي. على وجهي. على ظهريفمن يدافع عني.. يا مسافرةمثل اليمامة، بين العين و البصروكيف أمحوك من أوراق ذاكرتيو أنت في القلب مثل النقش في الحجرأنا أحبك يا من تسكنين دميإن كنت في الصين، أو كنت في القمرففيك شيء من المجهول أدخلهو فيك شيء من التاريخ و القدر”


“أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة.. وأخلص النساء .. من مخالب الأعراب.. أنا الذي حميت وردة الأنوثة من هجمة الطاعون ... والذباب.. أنا الذي جعلت من حبيبتي مليكة تسير في ركابها.. الأشجار.. والنجوم .. والسحاب.. أنا الذي هرب قد هرب السلاح.. في أرغفة الخبز.. وفي لفائف التبغ.. وفي بطانة الثياب.. أنا الذي ذبحت شهريار في سريره.. أنا الذي أنهيت عصر الوأد.. والزواج بالمتعة.. والإقطاع .. والإرهاب... ... وحين قامت دولة النساء.. وارتفعت في الأفق البيارق... توقف النضال بالبنادق.. وأبتدأ النضال بالعيون ..والأهداب..”