“إلى المستقبل أو الماضي , إلى الزمن الذي يكون فيه الفكر حراً طليقاً , إلى زمن يختلف فيه الأشخاص عن بعضهم البعض ولا يعيش كل منهم في عزلة عن الآخر وإلى زمن تظل الحقيقة فيه قائمة ولا يمكن لأحد أم يمحو ما ينتجه الآخرون . وإليكم , من هذا العصر الذي يعيش فيه الناس متشابهين , متناسخين , لا يختلف الواحد منهم عن الآخر . من عصر العزلة , من عصر الأخ الكبير . من عصر التفكير المزدوج , تحياتي ! "شعر آنذاك كأنه في عالم الأموات , وبدا له أنه في هذه اللحظة فقط , لحظة بات فيها قادرا على صياغة أفكاره , قد اتخذ الخطوة الحاسمة . إن عواقب كل عمل تكمن في العمل نفسه , وكتب :"إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت , إنها الموت نفسه !”
“الكتاب الجيد هو الذي يقول لك ما كنت تعرفه من قبل”
“صرخ وينستون بصوت عال: "ولكن كيف تستطيعون منع الناس من تذكر الأشياء؟ إنه عمل لا إرادي حتى إن أحدا لا يمكنه أن يسيطر على ذاكرته, فكيف تستطيعون أنتم السيطرة على الذاكرة؟ إنكم لم تستطيعوا السيطرة على ذاكرتي"وبدت علامات التهجم على وجه أوبراين وقال:"بل على العكس , إنك أنت الذي عجزت عن السيطرة عليها, وهذا هو ما جاء بك إلى هنا, إنك هنا لأنك فشلت في الانصياع وفي فرض الانضباط الذاتي على نفسك, إنك لم تتقن عملية الخضوع التي هي ثمن التعقل, وإنما فضلت أن تكون مجنونا ووضعت نفسك ضمن أقلية مؤلفة من فرد واحد هو أنت.إن الواقع لا يراه إلا العقل المنضبط يا وينستون, إنك تؤمن بأن طبيعة الواقع طبيعة بديهية بذاتها, وعندما تضلل ذاتك وتوهمها أنك ترى شيئا ما, فإنك تفترض أن كل الآخرين يرون الشيء ذاته, ولكني أقول لك يا وينستون إن الواقع ليس له وجود خارجي, إن الواقع موجود في العقل البشري ولا يوجد في مكان سواه.إنه ليس موجودا في العقل الفردي الذي هو عرضة للوقوع في الأخطاء, كما أنه يفنى بفناء صاحبه, إنه لا يوجد إلا في عقل الحزب الذي يتسم بأنه جمعي وخالد.وما يعتبره الحزب حقيقة فهو الحقيقة التي لا مراء فيها, ومن المستحيل أن ترى الحقيقة إلا بالنظر من خلال عيني الحزب.تلك هي الحقيقة التي يجب أن تعلمها من جديد يا وينستون, وهذا يحتاج منك أن تدمر ذاتك وهو أمر يتطلب قوة الإرادة, يجب أن تذل نفسك وتقهرها حتى يمكنك أن تكون عاقلاً.”
“كان بنيامين الحيوان الوحيد الذي ظل مستقلا عن الأحزابرفض تصديق أنه ستكون ثمة وفرة في الطعام أو أن طاحونة الهواء ستوفر العمل، وسواء كانت ثمة طحونة هواء أم لا، هكذا قال، ستسير قافلة الحياة كعهدها دائما، أي بشكل سيئ.”
“لقد هوت جميع الأقليات الحاكمة إما لأنها تحجرت أو لأنها باتت هشّة. فإما أنها أصيبت بالبلادة والغطرسة وعجزت عن مواكبة الظروف المتغيرة مما أفضى بها إلى السقوط, أو أنها أصبحت ليبرالية جبانة وقدمت تنازلات عندما كان ينبغي عليها اللجوء للقوة ومن ثم سقطت أيضاً. بعبارة أخرى , لقد سقطت هذه الأقليات إما بوعي أو بدون وعي. وإنه لمما يُسَجَل للحزب أنه أوجد نظاما فكريا يمكن لهاتين الحالتين أن تتواجدا معا في آن واحد. ولا يمكن أن تدوم للحزب هيمنة على أي أساس فكري غير هذا الأساس, فإذا أراد المرء أن يحكم وأن يستمر في الحكم فعليه أن يكون قادراً على زعزعة الإحساس بالواقع. وذلك لأن سر أسرار الحكم هو جمع المرء بين إيمانه بأنه لا يخطئ وقدرته على التعلم من أخطاء الماضي.”
“هكذا شأن كافة الحقائق المسجلة الصغيرة منها والكبيرة فكل شيء يتلاشى في عالم من الظلال إلى حد يصبح معه حتى تاريخ السنة مشكوكا فيه.”