“ أقبل أن آخذ من الغرب "الكافر" الدواء والمصباح والكمبيوتر وكل ماهو مفيد.. ولكن قلت له: ومالذي يمنعك من أخذ "العقل" الذي أنتج هذه الأشياء و "النظام" الذي ساعد على انتاجها و"الحرية" التي هيأت الجو لابتكار وابداع هذه الأشياء؟ قال لي: الله يهديك فيك غفلة!وأرتفع الجدار بيننا.. وكاد التفكير يتحول إلى التكفير”
“إذن فالإسلام حسم هذه القضية بأن أعطانا البوصلة التي تدلنا على الاتجاه الحقيقي الذي ينبغي أن نسعى إليه، هذه هي بوصلتنا، و هذه هي رسالتنا في الحياة. بيد أنه ترك لنا الحرية كاملة و المجال متسعاً لنصوغ ضمن هذه الرسالة أهدافنا البعيدة و القريبة و أدوارنا المتعددة، على ألا نفقد الاتجاه أو نهمل البوصلة (و أن إلى ربك المنتهى).”
“هذه المظاهر الخادعة من المسابح و الملابس، و اللحى و المراسم، و الطقوس و الألفاظ و الكلمات...أهذا هو الإسلام الذي أراد الله أن يكون رحمته العظمى، و منته الكبرى على العالمين؟أهذا هدي محمد صلى الله عليه و سلم الذي أراد به أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور؟أهذا هو تشريع القرآن الذي عالج أدواء الأمم و مشكلات الشعوب، و وضع للإصلاح أدق القواعد و أرسخ الأصول؟”
“و الكون ك له جدول من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها و لاخداع .سوف يرتفع صوت ليقول : و ما رأيك فيما نحن فيه من الغش و الخداع والحروب و المظالم و قتل بعضنا البعض بغي ا و عدوان ا .. أين النظام هنا ؟ وسوف أقول له : هذا شيء آخر .. فإن ما يحدث بيننا نحن دولة بني آدميحدث لأن الله أخلفنا في الأرض و أقامنا ملوك ا نحكم و أعطانا الحرية .. وعرض علينا الأمانة فقبلناها .و كان معنى إعطائنا الحرية أن تصبح لنا إمكانية الخطأ و الصواب .و كان كل ما نرى حولنا في دنيانا البشرية هو نتيجة هذه الحرية التيأسأنا استعمالها .”
“بدو أن الفلسفة اليونانية تبدأ بفكرة غريبة، و هي أن الماء أصل كل الأشياء. هل من الضروري حقا أن نتوقف عند هذه الفكرة، و أن نأخذها على محمل الجد؟ نعم. و ذلك لثلاثة أسباب:أولا، لأن هذه المسلمة تتناول بطريقة ما أصل الأشياء، و السبب الثاني، لأنها تتناوله بدون صور و بمعزل عن السرد الخيالي، و أخيرا، السبب الثالث، لأن هذه العبارة تتضمن و لو بشكل أولي، فكرة "أن الكل واحد". حسب السبب الأول، ما زال طاليس ينتمي إلى طائفة المفكرين الدينيين و الخرافيين، و لكنه يخرج عن هذة الطائفة للسبب الثاني، و يظهر لنا كواحد من علماء الطبيعة. أما السبب الثالث فيجعل منه أول فيلسوف يوناني.لو قال إن: "الماء يتحول إلى تراب" لكان لدينا مجرد فرضية علمية خاطئة، على الرغم من صعوبة تفنيدها، لكنه يتخطى الإطار العلمي المحض. لا يمكننا القول أن طاليس، من خلال عرضه لفرضية وحدة الكون على حضور الماء، تجاوز المستوى الأدنى للنظريات الفيزيائية في عصره، و لكنه خطا خطوة واحدة. إن الملاحظات المبتذلة، و غير المتماسكة و الاختبارية، التي كونها طاليس حول حضور عنصر الماء و تحولاته الفيزيائية، و و بالتحديد الرطوبة؛ هذه الملاحظات لم تكن لتسمح، أو حتى لتوحي بهذا التعميم الواسع. إن ما دفعه إلى ذلك، مسلمة فلسفية صادرة عن حدس فلسفي، و الذي نصادفه في جميع الفلسفات، التي تحاول مع مجهودات متجددة باستمرار، التعبير عن هذه المسلمة، بشكل أفضل، إنه مبدأ: "الكل واحد".”
“العقل الذي يطلب برهانا على وجود الله هو عقل فقد التعقل ! فالنور يكشف لنا الأشياء ، ولا يمكن أن تكون الأشياء هي دليلنا على النور !”