“إن هذا النظام الإسلامي دقيق في تكوينه ومتكامل في مجموعه، وكل صغيرة وكبيرة فيه متناسقة بعضها مع بعض وفق القاعدة التي يقوم عليها. وهو من الدقة بحيث تتغير طبيعته بدخول أي عنصر غريب عن هذه الطبيعة في تركيبه. هو نظام غير قابل للترقيع، غير قابل لأن نستعير له "قطع غيار" من أي نظام وضعي، لأن الاعتقاد فيه والعبادة والسلوك والمعاملة كلها مترابطة وكلها متناسقة وكلها متفاعلة وكلها نابعة من عقيدة واحدة، ذات أهداف مرسومة، وهي تنشيء آثارها الاجتماعية وفق تركيبها الذاتي، فلا تصلح معها آثار اجتماعية أخرى، ناشئة من فلسفات أو أوضاع أجنبية، مهما تكن في ظاهرها بعيدة عن موضوع العقيدة كالمسائل الاقتصادية والمالية مثلا.”
“إن النظام الاجتماعي الإسلامي، وقد انبثق من العقيدة الإسلامية، وتكيّف وجوده بالشريعة الإسلامية، يجب أن يظل دائما خاضعا في نموه وتجدده للأصل الذي انبثق منه، وللشريعة التي كيّفت وجوده. يجب أن تكون الشريعة الإسلامية هي المسيطرة على كل تطور في نظام المجتمع الإسلامي، وألا يترخص هذا النظام في اتجاه من اتجاهاته الكلية والجزئية خضوعا لأوضاع أجنبية عن طبيعته، تضغط عليه من الخارج، بينما هو يملك تلبية جميع الحاجات المتجددة في حدود قانونه هو، وحسب اتجاهه الذاتي.”
“ولابد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة: وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول، وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة، تربية إسلامية صحيحة. وعدم إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية. وعدم محاولات فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي التي تطلب النظام الإسلامي لأنها عرفته على حقيقته وتريد أن تحكم به”
“فكرة الإسلام عن وحدة البشرية، ونفيه لعصبية الجنس واللون والوطن، واعتقاده في وحدة الدين في الرسالات كافة، واستعداده للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء، وحصره لأسباب الخصومة والحرب في الدفاع عن حرية الدعوة وحرية العقيدة وحرية العبادة، وفي دفع الظلم عن المظلومين وإزالة الفساد من الأرض، ونفيه للأسباب الاقتصادية والمذهبية للحروب وضمان العدالة الاجتماعية المطلقة للجميع، كل هذه الخصائص هي التي تهيىء للنظام الإسلامي أن يكون نظاما عالميا.”
“إن المرجع في الحكم على نظام ما يجب أن يكون هو قواعده وأصوله ، فأما حين تُخالف هذه القواعد والأصول بسبب الجهل أو الانحطاط ، أو أي عوامل أخرى ، فالذي يجب أن يقوله المخلصون للحق في هذه الحالة : أن أصول هذا الحكم ليست مرعية.”
“إن للاقتصاد قيمته وأثره من غير شك،ولكن في الكون شيئا آخر بجانب الاقتصاد هو الشعور الإنساني، وشيئا آخر بجانب الآلة هو هذا الإنسان! ...إن النظام الإسلامي ليس هو الرق، وليس هو الإقطاع، وليس هو الرأسمالية، وليس هو الاشتراكية، وليس هو الشيوعية..إن النظام الإسلامي هو فقط .. النظام الإسلامي”
“وأضحك وأبكى .. فأنشأ للإنسان دواعي الضحك ودواعي البكاء.وجعله -وفق أسرار معقدة فيه- يضحك لهذا ويبكي لهذا.وقد يضحك عداً مما أبكاه اليوم. ويبكي اليوم مما أضحكه بالأمس.في غير جنون ولا ذهول إنما هي الحالات النفسية المتقلبةوالموازين والدواعي ولإعتبارات التي لا تثبت في شعوره على حال!وأضحك وأبكى .. فجعل في اللحظة الواحدة ضاحكين وباكينكل حسب المؤثرات الواقعة عليه.وقد يضحك فريق مما يبكي منه فريق. لأن وقعه على هؤلاء غير وقعه على أولئك .. وهو هو في ذاته. ولكنه بملابساته بعيد من بعيد!وأضحك وأبكى. من الأمر الواحد صاحبه نفسه.يضحك اليوم من الأمر ثم تواجهه عاقبته غداً أو جرائره فإذا هو باك يتمنى أن لم يكن فعل وأن لم يكن ضحكوكم من ضاحك في الدنيا باكٍ في الآخرة حيث لا ينفع بكاء!”