“المستشرقون والمبشرون هم في الحقيقة جماعة لم يصلحوا لشيء من بلادهم، أو لم يطيقوا أن يكونوا شيئا مذكورًا، فيسرهم الله لما يسرهم له من الاستشراق والتبشير. ولو أن أحدهم كتب كتابًا في تاريخ أمته، بمثل العقل والمنطق اللذين يكتب بهما في تاريخ الإسلام، لكان مصير ما يطبع منه أن يظل مطروحًا عند ناشره، حتى يفتح الله عليه فيبيعه بالجملة لمن يستعمله لشيء يُتقَزَر منه غير القراءة”
“، فإن تدجين المشايخ الكبار في (الديوان)، لم يمنع الثورة أن تقوم، وذلك لأن (المشايخ الكبار) لهم عند عامة المسلمين، هيبة العلم، وطاعاتهم واجبة علينا فيما هو طاعة لله ولرسوله، ولكن هيبة العلم ليست بمانعة جماهير الأمة من عصيانهم وترك طاعاتهم إذ هم خالفوا صريح أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بقتال الغزاة لدار الإسلام، فإن قتال الغزاة عند المسلمين واجب وفرض عين على كل قادر على القتال، إلا في حالة واحدة: إلا أن يخافوا أن يصطلمهم العدو لقلة عددهم وكثرة عدد العدو، ((اصطلمهم العدو)، استأصل شأفتهم وأبادهم)، فجائز عند إذن أن يلقوا إليهم السّلم، ((ألقى إليه السّلم)، استسلم له وصالحه)، بيد أن في قتالهم الشهادة، وهي إحدى الحسنيين، ((الحسنيان)، النصر أو الشهادة).”
“ولأنّ (الإنسان) منذ مولده قد استودع فطرة باطنة بعيدة الغور في أعماقها، توزعه، (أي تلهمه وتحرّكه)، أن يتوجّه إلى عبادة ربّ يدرك إدراكا مبهما أنّه خالقه وحافظه ومعينه، فهو لذلك سريع الاستجابة لكلّ ما يلبّي حاجة هذه الفطرة الخفيّة الكامنة في أغواره. وكلّ ما يلبّي هذه الحاجة، هو الذي هدى الله عباده أن يسمّوه (الدّين)، ولا سبيل البتّة إلى أن يكون شيء من ذلك واضحا في عقل الإنسان إلا عن طريق (اللّغة) لا غير، لأن (العقل) لا يستطيع أ، يعمل شيئا، فيما نعلم، إلا عن طريق (اللغة). فالدّين واللّغة، منذ النشأة الأولى، متداخلان تداخلا غير قابل للفصل”
“وفي وقت كان فيه محمد علي الجاهل يحطّم أجنحة الأزهر، ويضعه في قفص لا يستطيع الإفلات منه، ويدبّر كل مكيدة لإسقاط هيبته وهيبة مشايخه، ويعزلهم عن جمهور الأمّة عزلا بين قضبان من حديد وجدران من الصخور= ومرّت الأيّام والسنون، وهذا الصدع يتفاقم، حتى انتهينا إلى ما نحن عليه اليوم من الانقسام والتفريق، وذهبت (الثقافة المتكاملة) في دار الإسلام في مصر أدراج الرياح.”
“فكان من رحمة الله بنا وبالناس أن سخر لنا (أجاكس عوض) حتى يُحدث لنا وجود اسمه وتكراره طرَفا من الانبساط و(الفرفشة) يتخلل ما نعنى من جد الحياة، وما ينبغى أن نحمل من أثقالها!”
“(أرأيت قطّ رجلا من غير الإنجليز أو الألمان مثلا، مهما بلغ من العلم والمعرفة، كان مسموع الكلمة في آداب اللغة الإنجليزية، وفي حياة المجتمع الإنجليزي ، يدين له العلماء بالطاعة والتسليم)؟ أليس غريبا أن يكون غير الممكن ممكنا في ثقافتنا نحن وحدها، دون سائر ثقافات البشر قديمها وحديثها؟ غريب عجيب لا محالة.”
“أكبر الموانع في سبيل العقل "عبادة السلف" التي تسمى بالعرف والإقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية ، والخوف المهين من أصحاب السلطة الدنيوية .. والإسلام لا يقبل من المسلم أن يلغي عقله ليجري على سنّة آبائه وأجداده ولا يقبل منه أن يلغي عقله خنوعا لمن يسخره باسم الدين في غير ما يرضي العقل والدين ولا يقبل منه أن يلغي عقله رهبة من بطش الأقوياء وطغيان الأشداء ولا يكلفه في أمر من هذه الأمور شططا لا يقدر عليه إذ القرآن الكريم يكرر في غير موضع أن الله لا يكلف نفساً ما لا طاقة لها به، ولا يطلب من خلقه غير ما يستطيعون..”