“تساندنا بتماس مرهف كاننا في فضاء.. مجرد طائرين مبحرين في حنين، أحدهما نحو مكان بعيد و الآخر نحو زمان بعيد.. التقينا في نقطة عابرة، فتأسيا بلحظة نادرة من لحظات توقف الزمان و إمتزاج المكنة. لم أعرف اسمها، ولم تعرف اسمي.. وإني لأهديها الأغنية”
“شعرت على نحو مفاجئ أنني أفتقد الحياة ..أفتقد الحياة حقاً منذ أمد بعيد، وغشاني اليقين أنني كنت أحيا سنيني الأخيرة ميتاً على نحو ما”
“ولا أجد شعورا يقارب شعوري في ذلك إلا ما أتصوره عن مشاعر "السندباد البحري" في إحدى حكابات ألف ليلة عندما تحطمت سفينته في عرض البحر و سبح إلى جزيرة رائعة تراءت له، و بعد أن عاش هنيئا بين ربوعها بدأت في التحرك و راحت تغرق، إذ كانت مجرد تكوين عارض على ظهر حوت!الاتحاد السوفيتي كان احتمال لجزيرة إنسانية رائعة، لكنها عارضة، على ظهر حوت من أكاذيب الادعاء، و نقائص أيديولوجيا تزعم الاكتمال، و صغائر نفوس قادة صغار لبلد كبير وعريق، عراقة دوستويفسكي وتشيكوف و تورجينيف و بوكشين و تولستوي وجوركي و بولجاكوف”
“من الذى قال ذلك عن معنى السعادة ؟ .. إنه هو ذلك المتوحد العائش فى قبو متواضع . المنقطع عن كل طنطنة الدنيا و بريقها ليتواصل مع جوهر روحه و يطلع علينا بالأسفار . صاحب أجل أسفار زماننا و أضخمها . السفر الذى يعلمنا حب النهر و حب الطمى و حب البحر و تفهم الرمال . إنه هو .. أجاب عن سؤال يستكنه معنى السعادة فى مرة نادرة من المرات التى أدلى فيها بحديث . قال :- إن السعادة هى أن أشرب كوب شاى .. مع صديق .. فى لحظة رضا و أنا كنت أحتسى كوب شاى صاف . تطفو على سطحه وريقات نعناع أخضر . مع جميلة كالحلم . فى راحة إيوان ظليل . فهل كنت أطمع فى المزيد ؟ لم اكن أطمع فى المزيد . فقط وددت لو يتوقف بنا الزمان على نحو ما . و لأن ذلك مستحيل فقد سألتها " أنلتقى هنا غداً ؟ " . و أجابتنى باسمة " لم لا ؟ " . فردَّدت روحى صدى الإجابة :- لم لا ؟”
“فلتكتف إذن في البداية بالمشاهدة،برؤية لعبهم الغريب هذا، وتأمل شرودهم المرير.شرود وجوه لا عيون في محاجرها، لكنها تعطيك أشد الانطباع بتحديقها في زمن بعيد،زمن كانت لهم فيه عيون وأبصار.”
“أوقن في قرارة نفسي أنني ابن موت. واحد من بشر قصار العمر يحيون في العالم الثالث المكروب، في الجنوب المتهالك، حيث القاعدة هي الشقاء و الموت المبكر، أما الاستثناء فأن يَسْعَد بعض الناس و يُعمرون”
“لقد ذهبتُ إلى بيت تشيخوف - وهو الذي يُعتبر أكثر الكُتاب الروس هدوءاً ووداعة - ولاحظتُ شيئا غريبا فاتتني ملاحظته في المرات السابقة: إن مكتبه كان يواجه الحائط! وبالتقصي عرفت أنه كان يكتب على ضوء الشموع في مواجهة الحائط، ولعله كان يوفر لروحه المبدعة بذلك مزيداً من العزلة عن عنف العالم الصعب، وهو الذي قال: إنني لم أعرف إلا أن كل لحظات البشرية ظلت ينطبق عليها الوصف إنها لحظات عصيبة.”