“تذكرت ما يقال عن وسائل تعذيب المسجونين في مصر ، منها تلك الوسيلة الغريبة التي يأتون فيها بالمسجون السياسي ، الذي قد يكون من كبار رجال الرأي في مصر ومن أكثرهم تمتعا باحترام الناس خارج السجن ، ويأتون له بجندي من جنود السجن ضخام الجثة مفتولي العضلات ، وهو يحمل في يده سوطا أو عصاة غليظة ، واذا بهذا الجندي يأمر المفكر أن يهتف بأعلى صوته " أنا امرأة" فاذا رفض السياسي الكبير ان يعترف بأنه امرأة انهال عليه الجندي بالضرب مكررا عليه الأمر " قل أنا امرأة "كنت قد سألت نفسي أول مرة سمعت هذا الأمر ولازلت أسأل نفسي : لماذا يعتبر هذا التعذيب شديدا قاسيا على النفس ؟ الجملة نفسها قد لا تبدو على هذه الدرجة الهائلة من الخطورة ، فليس هناك خطر حقيقي على رجولة الرجل ان يقول أنه امرأة ، والمرأة نفسها ليست جنسا أقل شأنا من جنس الرجل أو أدنى مرتبة . فلماذا هذه المقاومة والرفض للنطق بها ؟الأمر لا يزيد عن الآتي : هل تقبل المهانة أم لا تقبل بها ؟ انك قد تقول العبارة مازحا بارادتك ولا تحفل بها أو تجد غضاضة في قولها ، ولكنك تفضل الموت على أن يجبرك أحد على قولها . هذا هوا بالظبط الشيء الرائع في احساس المرء بكرامته ، وهذه خطورة العبث بها . فأنت تجد في النطق بها رمزا لتسليمك المطلق ، ورضاك الكامل بالذل ، واستسلامك لمشيئة الآخرين ، واعترافك الكامل انك من الآن فصاعدا ستفعل ما تؤمر به ، أي تتنازل عن آدميتك. أنت تعرف انك لست امرأة ، وهو يعرف انك لست امرأة . ولكن قبولك مع ذلك في ان تأتمر بأمره في ان تجعل الباطل حقا والحق باطلا ، هو اعلانك على الملأ أنك قد أصبحت بلا إرادة.”
“قد صار من المقرر عندنا أن الأمهات لا يفلحن في تربية الأولاد حتى صار من المثل في الحطة ورداءة السير أن يقال : فلان تربية امرأة – على أننا نرى أن تربية المرأة في البلاد الغربية تفوق تربية الرجال، وأن أحسن الناس تربية هم من ساعدهم الدهر في أن تتولى تربيتهم امرأة وليس هذا بغريب فإن المرأة تمتاز على الرجل بغرائز طبيعية هي بها أقوى استعدادا للنجاح في التربية، ذلك أنها أصبر من الرجل فيما تحب , وأنها ألطف منه في المعاملة، وأرق منه في العواطف والإحساسات.”
“إن هناك شيئاً في حياتي يجب عليك أن تعلمه أنت لأنك ستصبح زوجي ، ومادمتُ قد وافقتُ على الزواج فيجب أن أطلعك عليه ’ على ألاّتسألني عنه بعد ذلك ، وشروطي بخصوص هذا الأمر لا أتنازل عنها .. !الأمر الذي أومن به وأعتقده هو : رسالة الإخوان المسلمين ’أنا على بيعةٍ مع حسن البنا على الموت في سبيل الله ، غير أني لم أخطُ خطوة واحدةتوقفني داخل دائرة هذا الشرف الرباني ، ولكني أعتقد أني سأخطو هذه الخطوة يوماً ما بل وأحلم بها وأرجوها !”
“أربت على كتفها القريبة مني بلطف :are u ok miss? could i help in any way?أفكر في تلك العبارة التي يمسح الناس بها أحزان الناس أحيانا، أو يهديء بها شخص ما زميلة في العمل ، أو حتى غريبة جلست إلى جانبه في قطار، يحتضنها أو يربّت على ظهرها. نحتاج إلى تلك اللمسة أحيانا حتى من غريب. جارتي تحتاجها الآن. لكنني لست زميا لها في عمل و لا غريبا و حسب ، بل أنا الآخر. أنا الذات التي تقلق وجودها، و هي الوجود الذي يقلق ذاتي. لسنا بعضنا لكي نهديء بعضنا. بل نحن " نحنان" ، نحن .. تحتل نحنًا ، و هي من نحن"هم" لا من نحن"نا". هي إسرائيلية كما تؤكد لهجتها. و لابد أن تكون قد أدت خدمتها في الجيش. و رما أمضتها في الأراضي الفلسطينية، فأطلقت النار على فلسطيني ما ، أو شاركت في قتل فلاح ابن نصر الدين ابن خالي. و قد تكون قد وقفت على حاجز تتلقف القادمين، تُنشّف ريق عجوز فلسطينية، أو تعرقل مرور أخرى حامل في طريقها إلى مستشفى للولادة، و تتسبب في وضعها وليدها عند الحاجز، تعيقها بدلا من أن تكون قابلتها و هي امرأة مثلها. قد تكون جارتي كل هذا أو بعضه !”
“ أنا أستاذ في التسلية على نفسي .. أنا أكثر شخص يحب أن يتسلى على نفسه .. كنت قد كتبتُ قصيدة في نفسي زمان .. قصيدة نثرية أسخر فيها من نفسي وكنت مستمتعاً بيها جداً .. لاعتقادي أن السخرية هي قدرتك على ان تسخر من نفسك أولاً قبل أن تسخر من الآخرين .. ثانياً تكون السخرية على الطباع أو الأفكار .. أي أن السينما للأسف تعلمنا القسوة .. انظر مثلا كيف تعلمنا أن نسخر من الأحول أو من يتهته في الكلام”
“قد يعتقد المسلمون اليوم أنّهم لو كانوا يعيشون في زمان الدعوة لدخلوا فيها حالما يسمعون بها. ولست أرى مغالطة أسخف من هذه المغالطة.يجب على المسلمين اليوم أن يحمدوا ربهم ألف مرة لأنّه لم يخلقهم في تلك الفترة العصيبة. ولو أنّ الله خلقهم حينذاك لكانوا من طراز أبي جهل أو أبي سفيان أو أبي لهب أو لكانوا من أتباعهم على أقل تقدير، ولرموا صاحب الدعوة بالحجارة وضحكوا عليه واستهزأوا بقرآنه ومعراجه.تصور يا سيّدي القارئ نفسك في مكة أبان الدعوة الإسلامية، وأنت ترى رجلاً مستضعفاً يؤذيه الناس بالحجارة ويسخرون منه، ويقولون عنه إنّه مجنون. وتصور نفسك أيضاً قد نشأت في مكة مؤمناً بما آمن به آباؤك من قدسية الأوثان، تتمسح بها تبركاً وتطلب منها العون والخير. ربّتك أمك الحنونة على هذا وأنت قد اعتدت عليه منذ صغرك، فلا ترى شيئاً غيره. ثم تجد ذلك الرجل المستضعف يأتي فيسب هذه الأوثان التي تتبرك بها فيكرهه أقرباؤك وأصحابك وأهل بلدتك وينسبون إليه كل منقصة ورذيلة. فماذا تفعل؟ أرجو أن تتروى طويلاً قبل أن تجيب عن هذا السؤال.”