“التطهير مفهوم مهم جداً لدى أرسطو .. إنه الهدف الأساسي للدراما بالنسبة له .. يجب أن يتطهر المشاهدون من عواطفهم وحين ينتهي العرض يكونون أفضل وأنظف ..طبعاً شيء كهذا لم يرق لـ ( برخت ) الذي يرى أن المشاهد يجب أن يخرج من المسرحية قلقاً مشمئزاً .. يقول ( كنج ) إن أدب الرعب هو دائرة سحرية يرسمها حول نفسه وأسرته كي لا يمسهم سوء .. أنا أمارس شيئاً شبيهاً لأني أكتب مخاوفي على الورق فأحس أنني تخلصت منها .. في طفولتي كنت أخاف مئات الأشياء أهمها موت أبي ، وقد دونت هذا كله في ورقة أخفيتها في فجوة في سور المدرسة .. شعرت براحة .. لكني - حتى اليوم - أشعر بانقباض كلما مررت قرب هذا المكان .. وأشعر أن ملمس هذه الورقة لعين .. هذا هو التطهر .. والقارئ يقرأ الرعب آمناً ويتوحد مع البطل هكذا يتطهر من مخاوفه دون ان يمسسه ضر”
“قد أختلف مع ( د. نبيل ) في أشياء كثيرة بخصوص شخصية البطل ، لكني لا أنكر لحظة أن الرجل أصيل ، ولم تحم حوله شبهة الاقتباس من قريب أو بعيد .. أقول هذا وأنا أعتبر نفسي خبيراً بالأدب العالمي لأني قرأت كل شيء تقريباً ، ويصعب أن أجد عملاً منقولاً أو مقتبساً من دون أن أتذكر شيئاً مماثلاً .. الأصالة وسخاء الأفكار .. هذا هو ( نبيل فاروق ) .. ولنختلف معه بعد هذا كما نشاء ”
“ميكانزم كتابة القصص عندي هو ( الشخصية ـ الخصم ـ الهدف ـ المأزق ـ الكارثة ).. يجب أن تكون هذه النقاط واضحة قبل الكتابة أو في بدايتها .. من الغريب أنني لابد أن أجد عنواناً للقصة قبل أن أخط فيها حرفاً... بعد هذا لابد من السؤال : من يريد ماذا ؟!!.. ولماذا لا يستطيع الحصول عليه ”
“على فكرة أنا كنت طفل خواف جداً .. كنت باخاف من كل حاجة.. لكن بمرور الوقت اكتسبت مناعة من المخاوف التقليدية .. كتابتي في تيمة الرعب ما هي إلا محاولة مني للدوران خلف المدفع بدلاً من الوقوف أمامه.. بمعنى أنني أكتب مخاوفي على الورق وبهذا أتخلص منها .. خوفي الأكبر هو من الغد ، وما سيحمله .. يجتمع رعب الدنيا في لحظةٍ مثل اللحظة التي أنتظر فيها ابنتي " مريم " أمام مدرستها وتتأخر بعد خروج كل الأطفال ، وتخرج المدرسة وعلى وجهها علامات الارتباك.. وأجد نفسي أردد " مريم مالها؟! ”
“أملّ جدا من الكتب اللي تثير أسئلة ولا تجيبها على طريقة ( الذين هبطو من السماء ) .. أنت في النهاية لم تستفد بشيء .. لهذا تلاحظ أن الرعب عندي ثابت ومحدد .. في قوالب ثابتة لا أخرج عنها .. وما غرس فيّ الرعب أفلام (هامر) القديمة التي تخص مصاص الدماء .. الخ .. لأن هامر كان يركز على جو التوجس .. وجو التوجس مهم عندي جداً أكثر من الرعب نفسه .”
“الناقد : هو شخص لديه رغبة ما في جعل الكاتب يتوقف عن الكتابة ، وينام وهو في حالة من السعادة إذا ما أحبط محاولاته . وبعد أن ينتهي من كتابة الصفحتين .. يعود لبيته ويأكل الزبادي ! وينام وهو راضٍ جدا عن نفسه ؛ لأنه أنقذ الأدب العربي من الانهيار !لا أقول إن كل النقاد من هذا النوع ، لكني أرى أن القليل منهم الجاد ومن يعتمد في نقده على مقاييس أدبية سليمة . أنا حتى غير متحمس لأن يقوموا بقراءة أعمالي ، وأحمد الله على أن حـجـم الــكتــاب " بيطفشهم " ! فهم - بالطبع - لا يريدون تضييع وقتهم الثمين في قراءة " ألغاز ”
“إن هذا الأديب الشاب - أحمد صبري غباشي - يلعب بعدة أوراق رابحة لا شك فيها: الورقة الأولى هي حبه الشديد للأدب والكلمة المكتوبة. هذا الحب أوشك أن يصير هاجسًا وقد أقلقني عليه في فترة من الفترات. تأمل عنوان المجموعة (نادمًا خرج القط).. هذه التركيبة اللغوية التي تضع الحال في بداية الكلام، مع الغموض المتعمد في المعنى. إنها تحمل تلك الرائحة التي لا توصف ولا يمكن التعبير عنها بكلمات والتي تجعل الأدب يختلف عن كلام الصحف والمحاورات اليومية. الورقة الثانية هي سنه الصغيرة جدًا والتي تثير ذهول كل من يقرأ عملاً من أعماله. إن في انتظاره رصيدًا هائلاً من الأعوام والخبرات والوجوه التي سيقابلها.. سوف يصطدم بكثيرين ويحب كثيرين، ويسافر لأماكن لم نرها ويقرأ كتبًا لم نسمع عنها. هذا يعني أن الحكم عليه لم يكتمل بعد. الورقة الثالثة هي كمية هائلة من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات في خلاياه .. أي أنه يملك الكثير من الحماس والاندفاع والطاقة وهي طاقة قادرة على تحريك الجبال لو خرجت كاملة. يبدو أنني أردد مقاطع كاملة من قصيدة (حسد) للشاعر السوفييتي العظيم (إيفتوشنكو)، لكني أحاول أن أضعك في الصورة لا أكثر.”