“قد يحسب الناظر الساذج أن النظريه المشهوره قد نشأت في ذهن مبدعها نتيجة تفكيره المجرد. و لكننا لو درسنا نفسية ذلك المبدع خلال الأطوار التي مر قبل أن تنتج نظريته, لوجدناها و كأنها ميدان صاخب تتجمع فيه العوامل المتنوعه و تتفاعل. و هي في حاجه إذن إلى حافز صغير, أو سبب مباشر لتنطلق في سبيل الإبداع انطلاقاً مفاجئاً”
“إذا إذن الكاتب لنفسه أن يتحدث إلى الناس أو وجد في نفسه الشجاعة لذلك فمن الحق عليه لآرائه التي يذيعها و خواطره التي يقيدها .. أن تصل هذه الآراء و الخواطر إلى أضخم عدد ممكن من القراء لا في الوقت الذي تكتب فيه فحسب بل فيه و فيما يليه من الأوقات”
“و أتيح لأتباع التابعين أن يسمعوا فتاوى المفتين من الصحابة و التابعين، فهيأ ذلك الفرصة لهم ليدلوا ببعض آرائهم اجتهاداً و استنباطاً، ولا سيما في القضاء و الفتوى. ثم كان من العوامل التي أعانت القوم على تكوين المذاهب الفقهية تدوين القرآن و السنة، و جمع فقه الصحابة و فتاواهم في الواقع، و تصنيف طائفة غير قليلة من العلوم التي تقوٍّي ملكات الاجتهاد و الاستنباط و القياس، كعلوم اللغة العربية، و تفسير القرآن، و أدب المناظرة، و علم الكلام. و زاد من ذلك كله تشجيع الخلفاء للحركة الفقهية، و عنايتهم بمجالس البحث و النظر، و رغبة الكثيرين منهم في الجدل العلمي الدقيق. نتيجة لتلك العوامل نشأت المذاهب الفقهية، و كان منها المذاهب الفردية التي انقرضت و لم يكتب لها البقاء، و المذاهب الجماعية التي كونت مدارس و وضعت مناهج للبحث التشريعي في ضوء مصادر التشريع.”
“إن العمود الفقري للصحافة الحديثة هو الاستطلاع فلا بد أن تزخر الصحيفة بالاستطلاعات الطريفة البراقة و ما تشتمل عليه من تعليقات خاطفة على االحوادث الجارية و سبق في تقديم أحدث الأنباء و الشئون على أن يكون ذلك في إخراج شائق جذاب و تلك هي أبلغ العوامل في تحبيب الصحيفة إلى القارئ و في إغرائه بما تزفه إليه من زاد”
“و الحق أن الرجولاتِ الضخمة لا تُعْرَفُ إلا في ميدان الجرأة.و أن المجد و النجاح و الإنتاج تظل أحلاما لذيذة في نفوس أصحابها, و لا تتحول إلى حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم, ووصلوها في الدنيا من حس و حركة.و كما أن التردد خدش في الرجولة, فهو تهمة للإيمان, و قد كره النبي صلى الله عليه و سلم أن يرجع عن القتال بعدما الرتأت كثرة الصحابة المصير إليه.”
“إذن كل العوامل الخارجية مهما بدت ضاغطة و قوية و موجبة لردة الفعل التقليدية؛ فإنها عند الشخص المبادر لسيت سوى عوامل مؤثرة قد تدفعه إلى سلوك أو شعور ما، و لكنه يعرف في نهاية الأمر أنه إنسان حر مبادر، و أن بإمكانه دوماً أن يقف لحظة و يقرر ردة الفعل التي يريدها بناءً على مبادئه و أهدافه، و ليس بناءً على ظروفه و محض مشاعره. و هذا المعنى معنىً عظيم؛ لأنه يحرر الإنسان من الأوهام و المثبطات، و يعطيه الحرية النفسية و يعينه على تخطي العقبات المختلفة.”