“إن الإسلام لم يأخذ اسمه من قوانينه ولا نظامه ولا محرماته ولا من جهود النفس والبدن التي يطالب الإنسان بها، وإنما من شيء يشمل هذا كله ويسمو عليه: من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعي باطني... من قوة النفس في مواجهة محن الزمان.. من التهيؤ لاحتمال كل ما يأتي به الوجود... من حقيقة التسليم لله.. إنه استسلام لله.. والاسم إسلام!”
“الإسلام يملك على الإنسان أقطار نفسه من هذه الناحية، فإن أغلب شرائعه تدور على حهاد النفس وجهاد الناس.وجهاد النفس فِطامها عما تشتهي من آثام، أو تجنح إليه من مناكير.وجهاد الناس منع مظالمهم من إفساد الحياة وخلخلة الإيمان، والإصلاح في جنباتها.وكلا الجهادين يستغرق العمر كله لحظة لحظة، ولا يستبقي فرصا للعبث والذهول والغفلات.”
“لا تظنوا أن من انقطع شعوره قد شعر حقيقة من قبل، إن لكل امرئ ذاكرتين: ذاكرة الحس وهي تبلى كما يبلى الحس، ويذهب ما فيها ذهاب الأمس؛ وذاكرة النفس، وهذه لا تعهد النسيان ولا تعرف الزمان.”
“وطريق الرضا طريق مختصرة. قريبة جداً، موصلة إلى أجل غاية، ولكن فيها مشقة. ومع هذا فليست مشقتها بأصعب من مشقة طريق المجاهدة. ولا فيها من العقبات والمفاوز ما فيها. وإنما عقبتها همة عالية. ونفس زكية، وتوطين النفس على كل ما يرد عليها من الله.”
“لا يوجد شيء أضحي بحريتي من أجله، لا أضحي بحريتي من أجل الوصول ولا من أجل النجاح، ولا من أجل اللقمة، ولا من أجل الأمان، وإنما أضحي بها من أجل أن أكسب حرية أكثر أصالة .”
“فلكي ندرك حقيقة وضعنا في هذا العالم يعني أن نستسلم لله، وأن نتنفس السلام، وألا يحملنا الوهم على أن نبدد جهودنا في الإحاطة بكل شيء والتغلب عليه. علينا أن نتقبل المكان والزمان اللذين أحاطا بميلادنا، فالزمان والمكان قدرُ الله وإرادته. إن التسليم لله هو الطريقة الإنسانية الوحيدة للخروج من ظروف الحياة المأساوية التي لا حل لها ولا معنى.. إنه طريق للخروج بدون تمرد ولا قنوط ولا عدمية ولا انتحار. إنه شعور بطولي (لا شعور بطل)، بل شعور إنسان عادي قام بأداء واجبه وتقبل قَدَره.”