“ألا إنه ما من الخيبة في الحياة بد ؛ فإنها رد الأقدار علينا حين تقول : " لا " وهذه الخيبة هي العلم الذي موضوعه أن يعلم هذا الإنسان المغرور أنه شئ في الحياة ، لا كل شئ فيها ، فّإذا كذبك صديقك مما قبله وغمك بكثرة خطئه وزلله ؛ فلا تزرعه مقتاً و بغضاً بعد أن زرعته خيراً وحباً ولا تقطعه ، بل انتظر فيأَتَه ، فإن فتنة الصدر غامضة . ولقد يكون أشد البغض من أشد الحب ، وليس لنا مع سفن القلوب إذا اختلفت رياحها وهبت عواصفها إلا أن نطوي الشراع ولكن إلى وقت .فإذا جهدك البلاء من صاحبك وبلغ منك اليأس ، فما يسوغ لك أن تكون معه إلا كالذي حفر الحفرة ثم طمها بترابها ألقى ما كان فيها من قبل ومضى كأن لم يكشفها " قلت : " ولم لا أدعها بئراً خسيفة يلعنها عمقها الغائر فيها بأنها فارغة مظلمة ، ويلعنها ترابها القائم عليها بأنها متروكة مهملة ؟ "قال : " سبيل الفضيلة غير هذا ؛ فكن مع الناس في حالٍ تشبه محل نفسك لا محل أنفسهم ، وما أنكر أن الناس من يوقعون في نفسك الظنة بكيت وكيت من سوء خلقهم ، وكذا وكذا من قبح أعمالهم ، حتى لتكون صداقة أحدهم كأنها نصف معركة حربية ، ولكن الهزيمة عن صديقك وأنت صديق خير من النصرة عليه وأنت عدو ؛ فتحصن من كيد هؤلاء وأشباههم بالإنهزام عنهم لا بمدافعتهم ، فذلك إن لم يقعدهم عنك لم يلحقهم بك ، ثم إن ردك إليهم راد بعد كنت الأكرم . واعلم أن أرفع منازل الصداقة منزلتان : الصبر على الصديق حين يغلبه طبعه فيسئ إليك ، ثم صبرك على هذا الصبر حين تغالب طبعك لكيلا تسئ إليه .”
“واعلم أن أرفع منازل الصداقة منزلتان : الصبر على الصديق حين يغلبه طبعه فيسئ إليك ، ثم صبرك على هذا الصبر حين تغالب طبعك لكيلا تسئ إليه .وأنت لا تصادق من الملائكة ، فاعرف للطبيعة الإنسانية مكانها فإنها مبنية على ما تكره ، كما هي مبنية على ما تحب ، فإن تجاوزت لها عن بعض ما لا ترضاه ضاعفت لك ما ترضاه فوق زيادتها بنقصها ، وسلم رأس مالك الذي تعامل الصديق عليه .”
“وأعلم أن ارفع منازل الصداقة : منزلتان :الصبر على الصديق حين يغلبه طبعه فيسيء إليك ,ثم صبرك على هذا الصبر حين تغالب طبعك لكيلا تسيء إليه.وأنت لا تصادق من الملائكة , فاعرف للطبيعة الإنسانية مكانها فإنها مبنية على ما تكره , كما هي مبنية على ما تحب , فإن تجاوزت لها عن بعض ما لا ترضاه ضاعفت لك ما ترضاه فوفت زيادتها بنقصها.”
“لا يؤيسنك من نفسك أنك لا تستطيع أن تجعل حياتك كلها موفقة ميسرة للخير، وأنك لا تستطيع أن تتغلب في كل وقت على مافيك من ضعف، وعلى مافي نظم الحياة حولك من سوء لا تقدر على إصلاحه، هذا اليأس خطأ ..إذ ليس عليك أن تقيم في الوادي المقدس حياتك كلها، وليس عليك ألا يقع الشر منك أبداً، إنما يقاس الخير فيك بما تحققه من ترفع عن ضرورات القوانين الحيوية الغالبة حين تستطيع أن تترفع عنها بل قد يقاس الخير فيك بما تبذله من جهد في هذا السبيل، وإن لم تبلغ الغاية التي تطمح إليها”
“سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ، أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ، مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب ؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .”
“فسوء التربية هو الذي أوصل المرأة إلى هذا لأننا نربي المرأة على الشعور بانكسارها وذلها الآتيين من أنوثتها فتشعر بضرورة التجائها للرجل لتعيش تحت جناحه يطعمها ويكسوها من كيسه حتى لا تموت برداً ولا جوعاً وهو في مقابل ذلك يشترط عليها أن تحتجب عن الحياة حرصاً على أنانيته فيها فكيف يمكن بعد هذه التربية السافلة أن نطلب منها أن تكون زينة بيوتنا وأم رجال الغد وعوناً لنا على الحياة ؟ ومن ثم فلا رجا في تربية تسجل لنا النصر ي الحياة ما لم يزل في أعماقنا احتقارها واعتبارها خلقاً ناقصاً لا يقدر من نفسه أن يؤدي واجبه”