“وا أسفاه , لم يبق للمسلمين من هذا الدين إلا الثقة فيه , أما الدين نفسه فقد انقلب فى عقل المسلم وضعه , و تغيَّر فى مداركه طبعه , و تبدلت فى فهمه حقيقته , و انطمست فى نظره طريقته , و حقَّ فيه قول على كرم الله وجهه : إن هؤلاء القوم قد لبسوا الدين كما يُلبَس الفرو مقلوباً”
“إذا كانت هناك قيود تمنع الإنسان من التحرك فى حياته نحو التقدم، فليس الدين أو الإسلام هو المسئول .. بل إن المسلم هو الذى وضع هذه القيود بسوء فهمه لجوهر دينه و سوء تفسيره لنصوصه بجهالته و كسله العقلى .. فنتناول الأحاديث النبوية كأنها أمر ملزم دون أن نبذل أى جهد فى فحصها لمعرفة ما إذا كانت من وحى الله أو من اجتهاد الرسول .. و هل هى مما يساعد على تقدمنا أو مما يقعدنا عن الحركة؟ .. فإذا قعدنا و تخلفنا قلنا هذا من الدين .. و الدين برئ. و الله لا يدفعنا إلى التهلكة و العجز عن استخدام قدراتنا التى خلقنا بها إلا بأسباب صدرت منا ...فى الوقت الضائع - توفيق الحكيم”
“العلمانية لم تنتشر فى أوروبا إلا كرد فعل لنفوذ الكنيسة و فرضها لرأيها على المفكرين و غيرهم، و على تنظيم الحياة طبقاً لآرائهم القديمة التى لا تصلح للزمان الجديد، و بذلك تم فصل الكنيسة عن الدولة .. و إنى أحذر رجال الدين عندنا من هذا المصير .. و يكونون هم السبب فى فتح باب "العلمانية" الأوربية على مصراعيها لدخول بلادنا ..فى الوقت الضائع - توفيق الحكيم”
“إن الحاكم فى قصره قد يستمع إلى آيات القرآن فيهز لها رأسه تأثرا، ويغمض عينيه تخشعا، فى الوقت الذى يمضى فيه أوراقا تحمل للناس أقبح المظالم وتوقع بهم أشنع المآثم !! وقد تجد الثرى من هؤلاء المترفين يحتفى بعلماء الدين، ويخف لاستقبالهم وإكرامهم فى الوقت الذى لا يحبس فيه فقط حقوق الفقراء فى ماله بل يغتال حقوق العمال فى أرضه. ( إن عقليتهم المريضة أخذت الدين تمائم وهمهمات وأدعية فلم يزدهم الدين إلا مرضا، ولم تزدهم تعاليمه إلا رجسا، وتطهير هؤلاء جميعا لن يتم إلا بتطهير الأرض منهم. )”
“إن دعوات الاصلاح الدينى تبدو عندنا يسيرة الشأن، قريبة الغور، تعرض الأمور عرضاً سطحياً بسيطاً، فجملتها أننا ما تأخرنا إلا لترك الدين، وأنه بالتمسك بالدين نتقدم و نسود كما ساد أسلافنا، إلى آخر ما تعرفون ممن يستطيع ترديده من يعرف و من لا يعرف، و يسهل على العامة فى الطرقات. فلا أهداف محددة، ولا خطط عملية ولا دراسة صحيحة لشئون الاجتماع فى الدين و الحياة. بل تتجه العناية إلى التوافه من زى و سمت و مظهر، و كأن هذا كل شئ، أما علاج أمهات المشاكل فهو عندهم بيِّن سهل التناول”
“الشريعة الإسلامية باقية .. و فيها و لاشك الصالح لكل زمان و مكان. و قد يكون فيها ما لايصلح لزمان معين و مكان محدد .. و فيها ما يجرى عليه قول النبى الكريم "أنتم أدرى بشئون دنياكم" .. و فيه ما لم يأخذ به عمر بن الخطاب فى عام معين هو عام المجاعة .. و نحو ذلك مما يوجب علينا دراسة كل هذا بعمق و أناة بعيداً عن السطحيات و الإشاعات و الشعارات .. و على رجال الدين فى كل هذا أثقل التبعات .. و لهم الحق فى أن يقفوا ضد "العلمانية" إذا كانت تقصد إيعادهم عن شئون الدنيا .. و دورهم فى الدنيا قائم بحكم الإسلام و لكن يجب أن يدرسوا و يوضحوا للناس ما ينبغى أن تقوم عليه الدنيا من عمل صالح و منتج و نافع و مرتفع ...”