“علة هذه النظريات }التي تركز على الإرث الثقافي والديني والبنى الأنثروبولوجية- في تفسير الإستبداد{ أنها تمزج بين موقفين: تفسير الواقع الحاضر من خلال مفاتيح الماضي، وبالتالي الإعتراف المسبق وغير المقبول، بإستمرار الماضي في الحاضر، وغلبته؛ والاعتقاد في الوقت نفسه أن الواقع المادي والموضوعي، أي التاريخي، ينبع مباشرة من الرؤى والقيم والاعتقادات الذهنية. (.....).ولا يعني هذا أن العقائد والقيم والثقافات لا تلعب دوراً كبيراً في التاريخ. بل ليس من الممكن تصور الطفرات التاريخية والثورات الكبرى من دون تطورات فكرية وطفرات روحية مسبقة. لكن هذه الطفرات الروحية والفكرية نفسها لا تتم في الفراغ. بل إن جميع الأفكار والعقائد لا تمارس القدر نفسه من التأثير، ولا تمارس التأثير ذاته في كل الحقب والأوضاع. إن التحولات العميقة، ذات الزمانية الطويلة لا ترتبط بالثقافة والتحولات الذهنية، وإن كان لهذه التحولات دور كبير في الزمانية القصيرة. إن تاريخ المجتمعات، ونظمها أيضاً، هي، كما ذكرنا، محصلة إلتقاء عوامل متعددة، داخلية وخارجية، ذاتية وموضوعية، وقائعية وتاريخية.ص 11-12”
“إن هذا الشعب الذي نحسبه جاهلا ليعلم أشياء كثيرة، ولكنه يعلمها بقلبه لا بعقله. إن الحكمة العليا في دمه ولا يعلم، والقوة في نفسه ولا يعلم. هذا شعب قديم، جئ بفلاح من هؤلاء وأخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة، من تجاريب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدري...نعم هو يجهل ذلك، ولكن هناك لحظات حرجة تخرج فيها هذه المعرفة وهذه التجاريب، فتسعفه وهو لا يعلم من أين جاءته. وهذا يُفسر لنا تلك اللحظات من التاريخ التي نرى فيها مصر تطفر طفرة مدهشة في قليل من الوقت، وتأتي بأعمال عجاب في طرفة عين. كيف تستطيع ذلك إن لم تكن هي تجاريب الماضي الراسبة قد صارت في نفسها مصير الغريزة، تدفعها إلى الصواب وتسعفها في الأوقات الحرجة وهي لا تدري. لا تظن أن هذه الآلاف من السنين، التي هي ماضي مصر، قد انطوت كالحلم ولم تترك أثرا في هؤلاء الأحفاد...نعم هو يجهل ذلك، ولكن هناك لحظات حرجة، تخرج فيها هذه المعرفة وهذه التجاريب، فتسعفه وهو لا يعلم من أين جاءته. هذا ما يفسر لنا -نحن الأوربيين- تلك اللحظات من التاريخ، التي نري فيها مصر تطفر طفرة مدهشة في قليل من الوقت !... وتأتي بعمل عجاب في طرفة عين !...كيف تستطيع ذلك إن لم تكن هي تجاريب الماضي الراسبة، قد صارت في نفسها مصير الغريزة، تدفعها إلي الصواب، وتسعفها في الأوقات الحرجة وهي لا تدري !...”
“الحب لا يعطي إلا من نفسه، ولا يأخذ إلا من نفسه .والحب لا يملك، ولا يطيق أن يكون مملوكاً ، وحسب الحب أنه حب .إذا أحب أحدكم فلا يقولن :"إن الله في قلبي" وليقل بالأحرى :"إنني في قلب الله" .ولا يخطرن لكم ببال أن في مستطاعكم توجيه الحب بل إن الحب ، إذا وجدكم مستحقين ، هو الذي يوجهكم .”
“بحثنا في الواقع سوف يوصلنا في نهاية المطاف إلى حزمة من الأسئلة التي لا نملك أي إجابة عليها , حيث إن من الثابت أن في كل ظاهرة من الظواهر عنصرا غيبيا استأثر الله تعالى بعلمه ”
“عجزت عن أن لا أشعر في مرات كثيرة بأنني في المكان والزمان الخاطئين ، ليس لأنني أفضل ، بل لأن طباعي وأفكاري وطريقتي في أن أحيا حياتي لا تناسب هذا المكان ، ولا هذه اللحظة العصية من الزمان .”
“في الحقيقه ان الإدعاء بأننا يمكننا أن ندرك كل شيء خطأ جسيم.حيث إننا أدركنا في الوقت الحاضر أن ما نعلمه و ندركه من الأمور ليس إلا بعضاً يسيراً, و يمكن أن نبصر بالمقدار نفسه أيضاً. و هذا يعني أن العالم الذي ندركه و نشاهده لا يُعدُ شيئاً بالنسبه لما لا ندرك و لا نبصر.”