“إلهي الكبير: هنا أطياف الليالي الهاربة، والطنين الذي يحوم في فراغ الغرفة، ولغة الخواء التي تتهامس بها الأشياء بقلق، هل حقًا ستجعلني أفقد غالية؟ أم أنها مجرد مناورة سماوية لبعث الرهبة في الفرح الفضفاض الذي ألبستني إياه فجأة، وخشيت أن أتعثر به؟ هل تراني الآن من فوق؟، ما رأيك؟ وأنا أتهجد في محراب الوحشة مثل راهبٍ منكوب ، أنتبذ مكانًا من الليل كأقصى حالة من الحلكة، وأطارد ما يطير في السواد من رؤى، وأركمها في سلة أرقي. أعرف أني لا ألجأ إليك كثيرًا هذه الأيام، لا أصلي أحيانًا، رغم أنك تتغاضى عن ذلك، وتعطيني الكثير. أعرف أني أحرجك أمام الملائكة، وأعرف أنك تفهمني جيدًا، وتعرف أني ضعيفُ جدًا حينما تمسكني أقدارك من قلبي .....”
“- غالية- مرحباً حبيبي-أعتقد أني أحبكِ فوق قدرتي على احتمال غيابكِ.- حبيبي توني شفتك من يومين!-انتظري قليلاً حتى أنهي كلامي.وتضحك غالية.-طيب ولكن من البداية، صدقني ما أقدر أشوفك، لأن أمي داخت اليوم، ولازم أقعد معها.-ليس هذا سبب اتصالي.-طيب كمّل.-أحبكِ!- وأنا كمان حبيبي.-وأعتقد أنكِ كنتِ كريمةً جداً عندما أحببتني.-حياتي أنت.-وأعتقد أني استيقظتُ اليوم صباحاً،لأكتشف أن أقبح مساحة في العالم هي مساحة السرير الزائدة عن جسدي، والخالية من جسدك.- ..............-وأعتقد أني لا أملك خياراً آخر، إلا أن أتزوجك.أذكر أن غالية صمتت طويلاً، ثم نشجت،وبدأت تبكي.”
“تري هل سأعلم - لو جننت-أني مجنون؟ هل يعلم المجانين حقيقة ما آلو إليه أم هم يشعرون بأن العالم من حولهم أصبح فجأة مرتاباً وبلا منطق؟”
“شيء اسمه بكاء ، أو غباء !شيء يتسلل إلى قلوبنا صغيرًا ثم ينتفخ فجأة مثل صدر ضفدع ويضيق به المكان فيتسرّب عبر عيوننا حتى لا ننفجر ليتني أستطيع أن أسدَّ منافذ قلبي أمام هذه الأشياء كلّ يوم يتسلّل منه الكثير إلى قلبي اللاّهث عانيت لسنوات من هذه الثغرة القلبيّة المكشوفة أمام جرثومَة البكاء تعبتُ جداً من كثرة ما أغلقتها كل ليلة كما يغلق الرعَاة أكواخهم ليلة الريح*آمنتُ أنه من الصعوبة على مثلي أن يتّخذ قراراً كهَذاقرارا بألاّ تبكي !كم هي مُحرجة الوعود التي كنت أقطعها أمام شحوبي في المرآة ألاّ أُعَاود العبث بالدموع ليلة أخرى !”
“الذي يعرف جدة يعرف أنها عندما يكون الموسم ربيعايلقي البحر على المدينة أطناناً من اللقاح الذي يتنفسه الناس ولا يرونه. يصبح الحب حالة عامة و الشوارع مليئة بالقلوب الخصبة. هكذا استهلكت جدة كل ما في أعصابنا من الجنون و أعادتني إلى الرياض مثل إناء خوى من الطعام و تورط في البقايا.”
“كنت أعرف أن البكاء في حقائب الراحلين أهم من القمصان والأحذية ، انه الفعل الوحيد الذي يرطب جفاف المجهول ويحمي من تقلبات الغربة”
“النساء هنا لا يملكن الكثير حتى يضحين به في بلد يعتقل حتى نبضات قلوبهن , الحب في بلادنا لا يحمل إقامة شرعية , لذلك لا يفصح عن نفسه, بل يمشي مختفيا عن العيون , وأنا أعذرها قليلا في ما فعلته , لم يكن بوسعها أن تلتف على وطن بأكمله”