“و تأمل قول الله المُعْجٍز يصف صاحب القلب القاسي: ( و أحاطت به خطيئته) أي استولت عليه، و شملت جميع أحواله حتى صار محاطاً بها لا ينفذ إليه من حوله شيء، و ذلك أن من أذنب ذنباً و لم يُقلع عنه جرَّه ذلك إلى العودة لمثله، و الانهماك فيه، و ارتكاب ما هو أكبر منه؛ حتى تستولي عليه الذنوب، و تأخذ بمجامع قلبه، فيتحول طبعه مائلاً إلى المعاصي، مستحسناً إياها، معتقداً أن لا لذة سواها، مُبغٍضاً لمن يحول بينه و بينها، مُكذّباً لمن ينصحه بالبعد عنها.[....]فتصبح ذنوبه كالخيمة تحجب عنه كل شيء: نظر الله إليه، و نعيم الجنة المنتظر، و عذاب النار المترقٍّب، و كيد إبليس المتحفٍّز، و حسرة الملائكة المشفقة, كل ذلك يغيب عنه عند وقوعه في الذنب ولا يراه.”
“و المؤمن يرد كل شئ إلى مشيئة ربه و يراه ممسكاً بمقاليد كل شئ ، و يرى بيده حركات الذرة و المجرة و الفلك الأعظم و ما فيه و من فيه ..و يراه المريد الأوحد فوق إرادات كل المريدين .. و يرى ما يجرى عليه من مقادير .. رسالة خاصة ، و شفرة يخاطبه بها و يرى كل شر يصيبه فى باطنه خير .. و كل بلاء ينزل به فى مضمونه حكمة .. إن لم تظهر الآن فسوف تظهر غداً أو بعد غد .. ذلك هو الله الرحمن جل جلاله الذى قال .. سبقت رحمتى غضبى”
“بطء ردود الأفعال و التجاهل ...و إنتهاج طرق إستفزازية......من شأنه دائما تصعيد المواقف .........و كل من لا يدرك ذلك ولا يعيه و يتجاهله أو يغض الطرف عنه و يتغابى ....لا يلومّن إلا نفسهكلماتى فاطمة عبد الله”
“و كانت عائشة كثيرا ما ترددقولها :" غضبت لكم من سوطعثمان ، أفلا أغضب له من سيوفكم؟!" و لهذا فقد دفعهم هذا الشعور بالتقصير و الإحساس بالذنب إلى ما أداهم إليه إجتهادهم وهو النهوض للقصاص من قتلة عثمان رضى الله عنه، و هو إن كان اجتهاداً جانبه الصواب ، إلا أن ذلك لا يقدح في شخصياتهم فالصحابة ليسو معصومين من الخطأ و هم لم يكونوا يتعمدونه أو ينوون به شراً”
“لا أعلم إلى أين يُمكن أن يسير الأمر ، و لم يشغلني ذلك . من علامات القلب المُنهَك ألا يهتم بسير الأشياء . لا طاقة فيه ليدير دفة شيء ، و لا حتى ليسأل نفسه أسئله سألها قبل ذلك ، و كانت هى سبب إنهاكه .”
“و هنا مسألة مهمة يلزم التنبيه عليها و هي الفرق بين الوصف و بين التعيين، ففرق أن نقول: إن العلمانية كذا، و أن القول بكذا و كذا علمانية، و بين أن نقول إن فلاناً علماني فينبغي أن نفرق فقد يكون هذا الشخص قاله جاهلاً و قد يكون غرر به، و قد يكون أخذ بقول شاذ و أنت لا تعرفه و هكذا. لكن من علم عنه أمر مع وجود الشروط و انتفاء الموانع حكم عليه بما يستحقه شرعاً من ردة أو غيرها. ثم ينبغي التنبيه إلى أن بعض المسلمين قد يفعل بسبب غفلته أو بسبب جشع مادي أو حتى بحسن قصد بعض ما يفعله أو يريده العلمانيون، و قد يفعل ما يخدم أهدافهم؛ فهذا الشخص لا يعد منهم - أي لا يقول عنه: علماني - و مع ذلك لا بد من التحذير من عمله، و لا بد من بيان خطئه و خطره، و لا بد من نصحه و رده عن ما هو عليه.”