“إن التدبر في أسماء الله عزوجل الحسني وصفاته العلي والتأمل في أسرارها وآثارها عبر صفحات الكون , قصص القرآن وأحداث التاريخ , أحداث حياتك اليومية , من شأنه أن يسكب في القلب حسن الظن بالله والرضا بقضائه والإستسلام لأمره .. وبالجملة يقوي الثقة بالله عزوجل في كل الأحوال مما يؤدي إلي سكينة النفس وطمأنينة القلب وهذا هو عين السعادة .. إذن السعادة تبدأ من المعرفة .. معرفة الله بأسمائه وصفاته .”
“من أعظم المحفزات للإستمرار علي الطاعة أمرين : الأول : دوام استحضار نعم الله عزوجل واحسانه في مقابل جفاء العبد وعصيانه, وهذه الموازنة تولد في النفس حالة الحياء .. الثاني : استحضار نعيم الجنة وعذاب النار وهذا يجعل النفس في حالة بين الرجاء والخوف .. خوف يحجزه عن محارم الله .. ورجاء يسوقه إلي طاعة الله”
“ما أحوجنا إلي الثقة في قدرة الله عزوجل واليقين في رعايته لأوليائه وعنايته بهم ووقوفه بجانبهم في أحلك اللحظات وفي قمة الشدائد والأزمات .. وفي قصص الأنبياء معين لا ينضب وزاد متجدد تتجلي فيه لطف الله عزوجل بأوليائه(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ)(يونس 62-63) .. يا ليتنا عند اشتداد الكروبات وتفاقم الأزمات أن نرجع إلي كتاب ربنا لنتدبر ونتفكر ونتعظ .. فإن لم نستفد من المعين القرآني في لحظات المعاناة والألم .. فمتي نستفيد؟, إذا لم نجد في هذا القصص ما يسلينا ويثبتنا ويعزينا , فبأي شيء نقوي علي مواجهة تحديات الحياة ؟.. أليس كذلك؟”
“أحتاج بين الحين والآخر الرجوع إلي دفاتر الماضي وتقليب صفحاته .. ليس من أجل اجترار آلامه وأحزانه, والبكاء علي اللبن المسكوب .. ولكن من أجل تنسم نفحات الرحمة الإلهية التي أخرجتني – بلطف – من هذه المحن وأفاضت علي قلبي نسمات السكينة والطمأنينة .. ليكون ذلك دافعا إلي حسن الظن بالله في كل محنة تقابلني وإن طالت , وكل ضائقة نزلت وإن عظُمت .. فكما أحسن الله (الكريم) فيما مضي وفات يُحسن في كل ما هو آت .”
“أتعجب عندما أطالع قول ربي عزوجل (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)(طه2) ثم أنظر إلي أحوال الكثير من المسلمين اليوم وقد امتلأت حياتهم بالتعاسة والهم والشقاء رغم وجود كتاب الله بين أيديهم في أفخر الطبعات , وفي كل بيت نُسخ منه ، وهو يُتلى دائما ًفي كل مكان .. فأسأل نفسي ما السر في ذلك ؟ .. والجواب أنهم يحركون ألسنتهم بلفظ كلماته وتجويد تلاوته ، ولكن لا يفكرون في وجوب تحريك عقولهم لفهم معانيه”
“عجيب أمر الإنسان , يدخل إلي الحياة الدنيا بشهادة (شهادة ميلاد) , ويخرج منها أيضا – عند الموت- بشهادة( شهادة وفاة) .. وبين هاتين الشهادتين يحصل علي كثير من الشهادات: شهادات المراحل التعليمية المختلفة- شهادة التخرج من الجامعة- شهادة التجنيد – شهادة الماجستير والدكتوراة – شهادة عقد الزواج .. مع العلم أنه لن ينفع الإنسان في الآخرة سوي شهادة واحدة – شهادة التوحيد- والتي يشهد فيها العبد أن الله هو المستحق للعبادة وأن تنصرف قواه - قوى عقله وقلبه وبدنه وجوارحه - في التسبيح والتهليل والتمجيد والعبودية لهذا الإله العظيم .. شهادة خالصة من الشرك والرياء والبدعة .. شهادة تتجسد في قوله عزوجل (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ...)(الأنعام 162-163) .. العجيب في الأمر أن الإنسان ينشغل طوال حياته بتحصيل الشهادات السابقة من أجل التكاثر والإفتخار , ويغفل عن الشهادة التي تحدد مصيره في الآخرة إما إلي جنة أو إلي نار .”
“إن أشد ما يفسد حياة الإنسان – عن تجربة- وينزع منها البركة والطمأنينة هو الإنغماس في الذنوب والمعاصي .. فكم من معصية أذهبت لذة عبادة وأضاعت حلاوة طاعة وكانت سببا في تراكم ذنوب أخري أصابت القلب في مقتل .. فلم يعد يقوي علي فعل طاعة ولم يستطع مقاومة شهوة حتي أصبح فريسة للشيطان , كلما حاول العبد أن يلج باب التوبة ليتطهر من دنس الآثام ثبطه الشيطان ووسوس له بأنه أضعف من أن يقاوم رغائب شهواته هذه ويؤكد له بأنه ليس أكثر من سجين في فلكها وبأنه سيظل خاضعا لحكمها , مستجيبا لأوامرها”