“وإذا نظرنا إلى الجانب الأفضل من الإنسان وتاريخه نستطيع أن نستنتج أن تاريخ "تطور" البشرية هو تاريخ محاولات الإنسان للابتعاد عن هذا الوحش الكامن في أعماقه, أو عدم السماح له بالنمو على أمل التوصل إلى التخلص منه نهائيا. وهذا الوحش الذي صار قابعا في الأعماق مشكله أساسية من المشكلات التي حاول رجال الفكر والأدب معالجتها, والتي حاولت الأديان ترويضها بالدعوة إلى التسامح والمحبة والإخاء.وسنكتفي بالقول الآن أنه قد تولد في أعماق الإنسان, بفعل هذه الأحوال كلها, "شيء", أو أن هذا الإنسان لم يستطع,وبسبب هذه الأوضاع ذاتها, التخلص نهائيا من "ذلك الشيء" الذي كان فيه, والذي سنقبل الآن بتسميته "الوحش".”
“وقد قابلت الملحق الثقافي البريطاني وبينت له خطورة هذا الوضع، أن تتحول المدرسة إلى مؤسسة لتسطيح العقول والشخصيات. ويبدو أن هذا هو الاتجاه العام في العالم، وهو جزء من عملية الترشيد والتنميط التي ازدادت سرعة في الآونة الأخيرة. وقد تعلمت من هذه التجارب أن النجاح والفشل في الحياة العامة، حسب المعايير السائدة، ليسا بالضرورة حكما مصيبا أو نهائيا، وأن الإنسان قد يفشل بالمعايير السائدة، ولكنه قد ينجح بمعايير أكثر أصالة وإبداعا”
“لاأريد أن أكتب تاريخاً، ولا أريد أن أفلسف قضايا معينة. لكنني في الواقع أفعل هذه الأشياء كلها معاً. فأنا بانتقائي لأشخاص معينين أجعل من هؤلاء الأشخاص أناساً حقيقيين، ولكنني أعطيهم صفة مطلقة، وهذه الصفة المطلقة، قد تساعد القارئ على الشعور بأن ما يقرأه هو وثيقة اجتماعية، أو تاريخ، أو فلسفة، ولكنني في الواقع أقيم رموزاً في ذهن القارئ، تجعله يشعر بأنه دخل معي في أعماق لم تكن بحسبانه، دخل معي في متاهة، وفي الدائرة الحلزونية التي تقترب من جوهر الإنسان. لأننا في النهاية نبحث عن جوهر الإنسان. الإنسان مطلقاً و الإنسان العربي تحديدا”
“الإنسان حيوان له تاريخ ! ما معنى ذلك ؟ معناه أن الميزة الأولى التي تميز الانسان من غيره من المخلوقات هي أن كل جيل من البشر يعرف تجارب الجيل الذي سبقه و يستفيد منها ، و إنه بهذه الميزة وحدها يتطور . و على العكس من ذلك الحيوان ، فالأسد أو القط أو الكلب الذي كان يعيش في الأرض منذ ألف سنة لا يمكن أن يختلف عن سلالته التي تراها اليوم في الصفات و الطباع و نوع الحياة”
“الإنسان السعيد هو الذي يستطيع أن يحول كل موسم من مواسم الحياة فرصة لنمو طاقات جديدة أو متجددة في أعماقه”
“نقل عينيه إلى ضفة النهر، حيث الغابة بغموضها تنيرها من حين لآخر ذبابة مضيئة، ويدوي في جوها صوت نشاطات غامضة تجري بها.كان يعرف أن السماء خالية من البشر، مساحة شاسعة من الخواء، ويعرف أن المحيط هائل غير قابل للترويض، لكنه في (إنجلترا) تعلَّم أن البَرّ هو مِلك خاص للإنسان، حتى في أطلس الجغرافيا كان يرى البر ملونا كأنما يؤكد حق الإنسان فيه، على النقيض من لون البحر الأزرق المستقل الممتد.وكان يؤمن وقتها أن يد الإنسان ستمتد بالزراعة والمحاريث والضوء الكهربائي والطرق والترام إلى كل بقعة في هذه الأرض، لكنه الآن يشك في هذا. هذه الغابة بلا نهاية. ومن المؤكد أنها لا تُقهر. وليس الإنسان سوى متطفل أحمق عليها.”