“لا أدري اذا كان من الممكن التقاط صورة فوتوغرافية للبرق. وحتى لو كان ذلك ممكنًا، فلن تسجل وميضه. ألم تلاحظ، حين يومض البرق أمام عينيك، انك تنتبه إلى ما يريك مما حجب الظلام عنك أكثر من انتباهك إلى رؤية البرق نفسه؟”
“حين كنا أطفالًا، كنا ا ننام حتى تروي لنا جدتي حكاية من حكاياتها. وكانت قد تجاوزت التسعين. وكان اختلط الأمر عليها. فتبدأ حكاية الشاطر حسن من وسطها: وأخذ الشاطر حسن عصاه السحرية وضرب بها المارد. - أية عصا سحرية يا جدتي؟ ..فلا تنتبه لصيحاتنا، وتستمر في حكايتها. وما من مرة ظللنا مستيقظين حتى نهاية الحكاية، وما من مرة نامت بعد أن تتم الحكاية. فما عرفنا لحكاية الشاطر حسن بداية، وما عرفنا لها نهاية.وحين كبرنا صرنا نتذكر جدتي، وحكايتها، التي أسميناها البتراء، فنغرق بالضحك. كأنما الأمر المعقول هو أن تكون للقصة بداية، وأن تكون لها نهاية.هل هذا هو الأمر المعقول حقا؟وحتى لو كان هذا هو الأمر المعقول؟ فهل هو المعقول في بلادنا؟!”
“لكن سؤلاً واحداً لم يجرؤ على توجيهه إلى أخته "الفيلسوفة"، خوفا من لطمة كفّ، فخنافة مع أُخته التي لا يحب أن يخانقها، أو خوفا من شيء آخر في ذاته:هل، حين ينسحبون، سأعود كما كنت..بدون ابن عم؟!.”
“لقد بلغت الخامسة والسبعين من عمرها ولمّا تجرب ذلك الشعور الذي يقبض على حبّة الكبد فيفتتها. ذلك الشعور الذي يخلّف فراغاً روحياً وانقباضاً قي الصدر، كتأنيب الضمير، شعور الحنين إلى الوطن.”
“حين سألتني زوجتي:هل إذا زُرع غصن اللوز في التراب ينمو شجرة؟انقبض صدري وبدأت أتذكر، هل تذكر أنه في مطلع شبابنا كان لنا صديق، أحبَّ فتاة من القدس أو من بيت لحم، وكُنّا نُحبّ حُبّه؟- كُلنا أحَبّ، وكنّا نُحبّ حُبّه.”
“كان مؤسس الدولة العبرية، دافيد بن غوريون، قد أعلن في اول كنيست شاركتُ في عضويتها -الكنيست الثانية في العام 1952 - عن دهشته من استمرار اللاجئين الفلسطينيين في اجتياز الحدود محاولين العودة إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم وحقولهم، "مع أننا -قال - نطلق الرصاص عليهم ونقتلهم".فوجدتني اقاطعه باللغة العبرية لأول مرة في حياتي في الكنيست.أجبته ،مندهشاً أنا أيضاً : ألا تعرف معنى حب الوطن؟!”
“- كيف بكاؤك يا أبتِ؟- من سنان القلم يا بنيّة. أطراف أقلامي مآقيّ.- ولكن ما تكتب يسلي همومنا!- وذلك هو البكاء.إن أهون المصائب ما يصيب غيرك. ومشاركته بالبكاء تفريج عن كربك من قبل أن تكون تعزية له.- كل البكاء؟- إلا بكاء العروس وهي تلتفت إلى وراء.مثل ماء النار:يحرق قلب أمهاويمضّ عروسهاويحنق أمهويلوي، تأففاً ودهشة، شفاه بنات الحي.- فكيف بكاؤك الآن؟- بكاء العروس.”