“فاذا حقق الفرد نفسه بالنشاط التلقائي ومن ثم تعلق بالعالم, فانه يكف عن ان يكون ذرة منعزلة, انه والعالم يصبحان جزءا من كل مبنى واحد, ان له مكانته الحقة ومن ثم يختفي شكه فيما يتعلق بنفسه ومعنى الحياة. هذا الشك ينبعث من انفصاله ومن انجراف الحياة, وعندما يتمكن من الحياة لا بطريقة تلقائية فان الشك يختفي. انه يدرك نفسه كفرد فعال وخلاق ويدرك ان هناك فحسب المعنى الوحيد للحياة: فعل الحياة نفسه.”
“فاذا حدث وتقطعت الروابط الاولية التي تعطي للانسان الامان, واذا حدث ان واجه الفرد العالم الذي خارجه كذاتية منفصلة تماما, فان امامه اتجاهين حيث عليه ان يقهر الحالة التي لا تطاق, حالة العجز والوحدة.يستطيع في اتجاه منهما ان يتقدم الى "الحرية الايجابية", يستطيع ان يتعلق على نحو تلقائي بالعالم في الحب والعمل, في التعبير الاصيل عن القدرات العاطفية والحسية والعقلية, وهكذا يستطيع ان يصبح مرة اخرى متحدا مع الانسان والطبيعة ونفسه دون ان يتنازل عن الاستقلال والتكامل الخاصين بنفسه الفردية.والاتجاه الآخر امامه هو التقهقر والكف عن الحرية ومحاولة قهر وحدته عن طريق استئصال الهوة التي تنشأ بين نفسه الفردية والعالم. وهذا الاتجاه الثاني لا يوجد اطلاقا بالعالم بالطريقة التي كان مرتبطا بها قبل ان يبزغ باعتباره "فردا", لان حقيقة انفصاله لا يمكن قلبها, انها هرب من موقف لا يطاق يجعل الحياة مستحيلة اذا ما استطالت. وهذا الاتجاه للهروب هو لهذا يتميز بطابعه الارغامي مثل كل هرب من الخطر المهدد, كما انه يتميز ايضا بالتنازل التام بشكل او بآخر عن الفردية وتكامل النفس. ومن ثم فهو ليس حلا يفضي الى السعادة والحرية الايجابية, انه من ناحية المبدأ حل يوجد في كل الظواهر العصابية انه يسكن القلق الذي لا يطاق ويجعل الحياة ممكنة بتجنب الخطر, ومع هذا لا يحل المشكلة الواردة ويندفع له الثمن بنوع من الحياة لا يتألف في الأغلب الا من النشاطات الآلية او الاضطرارية.”
“بالتطابق مع توقعات الآخرين, بالا يكون الانسان مختلفا, نخرس هذه الشكوك عن ذاتية الانسان ويتم الحصول على امان معين. وعلى اية حال يكون قد دفع الثمن غاليا. ان التنازل عن التلقائية والفردية يفضي الى انجراف الحياة ومن الناحية السيكولوجية ان الانسان الآلي بينما هو حي بيولوجيا هو ميت انفعاليا وذهنيا. بينما هو يقوم بحركات الحياة, فان الحياة تنساب من بين يديه كالرمال. ان الانسان الحديث وراء جبهة من الرضاء والتفاؤل غير سعيد في الاعماق, كحقيقة واقعة, انه على شفا اليأس. انه يتمسك يائسا بفكرة التفردية, انه يريد ان يكون "مختلفا" وليست لديه توصية اكثر من قوله:" ان الامر مختلف". ان الانسان الحديث تواق للحياة, ولكن لما كان انسانا آليا فانه لا يستطيع ان يعيش الحياة بمعنى النشاط التلقائي الذي يتخذه ويحله محل اي نوع من الاضطرابات او الاثارة: اثارة السكر والرياضة والمعايشة العنيفة لاضطرابات الاشخاص الخياليين على شاشة السينما.”
“اننا نتبين ان عملية نمو الحرية الانسانية لها الطابع الجدلي نفسه الذي لاحظناه في عملية النمو الفردي. فمن جهة, انها عملية نمو القوة والتكامل, السيادة على الطبيعة, نمو قوة العقل الانساني ونمو التضامن مع البشر الآخرين. ولكن من جهة اخرى نجد ان هذا الاصطباغ المتنامي بصبغة فردية يعني تنمية العزلة والقلق ومن ثم نمو الشك فيما يتعلق بدور الانسان في الكون ومعنى حياة الانسان والشعور النامي بعجز الانسان ولا معناه كفرد.”
“ان القوة ان يعرف الانسان ماذا يقال عنه ثم لا يهتم اما الضعف فان ينأى بنفسه عن كل نقد ويحسب انه قد أفلت من النقد”
“ان الانسان يبتلى بالأوهام أكثر مما يبتلى بالحقائق..وينهزم من داخل نفسه قبل ان تهزمه وقائع الحياة..!”