“إني بطبعي لا أصلح إلا لملاحظة الناس خِفية، يتحركون فوق مسرح الحياة، لا أن يشاهدني الناس ممثلاً بارعًا قد سُلطت على وجهه الأضواء. إن هذه المواقف تعمي بصري وتُذهب لُبي وتُطير ما في ذاكرتي وتُفقدني ذلك الهدوء النفسي الذي أرى به الأعماق.”
“لم أقل إني أعرف الحقيقة ، و ما قلت يوما إني عرفت الحقيقة ! ... إني أعرف الناس بأن الحقيقة لا يمكن أن تعرف ... إن مهمتي هي أن أبحث عن الحقيقة لا أن أجدها ! ..”
“لقد تحقق لي أني لا أصلح بطبعي للتقدم إلى أي امتحان , ذلك أن الإمتحان يريد مني عكس ما أريد أنا من القراءة , إني أقرأ لأهضم ما قرأت , أى أحلل مواد قراءاتي إلى عناصر تنساب في كياني الواعي ..أما الإمتحان فيريد مني أن أحتفظ له بهذه المواد صلبة مفروزة!”
“و أدركت أن أرواح الناس في مصر لا قيمة لها . لأن الذين عليهم أن يفكروا في هذه الأرواح ، لا يفكرون فيها إلا قليلا”
“إني أفهم الآن موقف آدم عقب اخراجه من جنة السماء ، إني أتخيله قد لبث - بغير حراك – في الموضع الذي هبط فيه ، ومرت به ليال وأيام وهو ينظر إلي السماء ، يرقب كل حركة فيها : إذا رعدت ؛ فهو صوت أبوابها ، تفتح لتناديه من جديد ، وإذا لمع البرق ؛ فهي ابتسامة رضا قد يعقبها انفراج المحنة ، وإذا تساقطت الشهب ؛ فهي همسات غضب ما زال قائما ، وإذا استدار البدر ؛ فهو شفيع وبشير بعودة الهناء القديم ... وكر الزمن وآدم يتمرغ في مكانه بين اليأس والرجاء ، عند ذلك المهبط من الأرض ، يمسح وجهه بأعتاب النعيم ، إلي أن انتزعته غريزة الحياة من هذا القنوط الطويل ، وأرغمته على النهوض ، فقام يدب في الأرض ، ويعيش كما تعيش الأحياء من المخلوقات .”
“إن هذا الشعب الذي نحسبه جاهلا ليعلم أشياء كثيرة، ولكنه يعلمها بقلبه لا بعقله. إن الحكمة العليا في دمه ولا يعلم، والقوة في نفسه ولا يعلم. هذا شعب قديم، جئ بفلاح من هؤلاء وأخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة، من تجاريب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدري...نعم هو يجهل ذلك، ولكن هناك لحظات حرجة تخرج فيها هذه المعرفة وهذه التجاريب، فتسعفه وهو لا يعلم من أين جاءته. وهذا يُفسر لنا تلك اللحظات من التاريخ التي نرى فيها مصر تطفر طفرة مدهشة في قليل من الوقت، وتأتي بأعمال عجاب في طرفة عين. كيف تستطيع ذلك إن لم تكن هي تجاريب الماضي الراسبة قد صارت في نفسها مصير الغريزة، تدفعها إلى الصواب وتسعفها في الأوقات الحرجة وهي لا تدري. لا تظن أن هذه الآلاف من السنين، التي هي ماضي مصر، قد انطوت كالحلم ولم تترك أثرا في هؤلاء الأحفاد...نعم هو يجهل ذلك، ولكن هناك لحظات حرجة، تخرج فيها هذه المعرفة وهذه التجاريب، فتسعفه وهو لا يعلم من أين جاءته. هذا ما يفسر لنا -نحن الأوربيين- تلك اللحظات من التاريخ، التي نري فيها مصر تطفر طفرة مدهشة في قليل من الوقت !... وتأتي بعمل عجاب في طرفة عين !...كيف تستطيع ذلك إن لم تكن هي تجاريب الماضي الراسبة، قد صارت في نفسها مصير الغريزة، تدفعها إلي الصواب، وتسعفها في الأوقات الحرجة وهي لا تدري !...”
“فإن جل معارفي منحصرة في ذلك النوع المبتذل الذي يسمونه النوع "الإنساني".. وهو على ما رأيت منه لا يأبى مطلقا التهام ما يقدم إليه مما يؤكل ومما لا يؤكل.. حتى لحم أخيه.. وهو دائما جوعان، عطشان إلى شئ.. وهو لا يصنع شيئا إلا لغاية ومأرب، حتى صلاته وصيامه..”