“أنا لا أعرف أمة أطالت الوقت فى الفروع الفقهية كأمتنا.. الوضوء مثلا، يمكن أن تتعلم فى دقيقتين، فما الذى يجعل فيه مئات الصفحات والكتب، بل والمجلدات، وتختلف المذاهب فيه؟ هذا شىء عجب! حتى أنى سميت الوضوء: 'علم تشريح الوضوء'! لاشك أن هذه المساحة التى أخذها البحث فى الفروع الصغيرة، كانت على حساب القضايا الكبيرة.”
“فى القارات الخمس تعطى الشعوب الحق فى أن تستبقى الحاكم الذى تحب ٬ وتستبعدالحاكم الذى تكره ٬ فما الذى يجعل الأمة الإسلامية تشذ عن هذه القاعدة فى أغلبأقطارها؟”
“رأيت طالبا فى القاهرة يريد أن يدخل كلية الطب بجلباب وقلنسوة وسألته: لم هذا الشذوذ؟ قال: لا أتشبه بالكفار فى ارتداء البدلة الفرنجية.. قلت: التشبه الممنوع يكمن فى انحلال الشخصية ٬ وإعلان التبعية النفسية والفكرية لغيرنا ٬ ولقد لبس الرسول صلى الله عليه وسلم جبة رومية كانت ضيقة الأكمام فلما أراد الوضوء أخرج ذراعيه أسفل ولكن الطالب الأحمق أبى وترك الدراسة الجامعية.!”
“لماذا تؤلف فى الوضوء مثلا كتب كبيرة لها طابع علمى محدد؟ ولا نؤلف هذه الكتب العلمية فى الإخلاص، والتوكل، والتقوى، والأمانة والصبر والحب... الخ.إن محبة الله جل جلاله، والإخلاص له، والتبتل إليه، والتوكل عليه، والصبر فيه ـ معان تعد فى الطليعة من شعب الإيمان، أو هى من أركانه الركينة.وتحرير هذه المعانى وفق تفاسير مضبوطة، وشروح مستفيضة ـ خدمة جلى للإسلام وأكاد أقول : إن الأعمال الظاهرة من عبادة ومعاملة ما تصدق وتكمل إلاإذا اتسقت وراءها هذه المعاني الباطنة ، وتخللت مسالك الفؤاد ولذلك يجب أن تطرق موضوعاتها بكثرة ودقة وميدان التربية الإسلامية في هذا العصر أحوج ما يكون إلى هذه الداسات ؛”
“طلب الإسلام من الأب أن يصلى النوافل فى بيته حتى يألف أبناؤه الركوع والسجود! كما طلب أن يتلى القرآن فى البيت ليتعطر جوه بمعانى الوحى، وفى الحديث " اجعلوا من صلاتكم فى بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " أى أن البيت الذى لا يصلى فيه كالقبر الموحش، وقال رسول الله أيضا " مثل البيت الذى يذكر الله فيه والبيت الذى لا يذكر الله فيه مثل الحى والميت " وقال " أما صلاة الرجل فى بيته فنور، فنوروا بيوتكم.. " وجاء الأمر بتعليم الأولاد الصلاة منذ نعومة أظفارهم، وتعويدهم أنواع المكارم حتى يشبوا شرفاء صالحين.”
“والواقع أن المسلم لا يطيق عصيان الله، ولا يرضى به، ولا يبقى عليه إن وقع فيه؟ بل إن ما يعقب المعصية فى نفسه من غضاضة وندامة يجعل عروضها له شبه مصيبة، فهى تجىء غالبا، غفلة عقل، أو كلال عزم أو مباغتة شهوة وهو فى توقيره لله، وحرصه على طاعته يرى ما حدث منه منكرا يجب استئصاله.إنه كالفلاح الذى يزرع الأرض فيرى " الدنيبة " ظهرت فيه، فهو يجتهد فى تنقية حقله قدر الاستطاعة من هذا الدخل الكريه.ولو بقى المسلم طول حياته ينقى عمله من هذه الأخطاء التى تهاجمه، أو من هذه الخطايا الذى يقع فيها، ما خلعه ذلك من ربقة الإسلام، ولا حرمه من غفران الله.”
“الإسلام يكره أولئك الذين يعيشون فى الدنيا أذنابا ٬ تغلب عليهم طبائع الزُّلفى والتهافت على خيرات الآخرين ٬ ويحبون أن يكونوا فى هذه الحياة كالثعالب التى تقتات من فضلات الأسود .إن المسلم أكبر من أن يربط كيانه بغيره على هذا النحو الوضيع ٬ بل يجب أن ينأى عن مواطن الهُون ٬وأن يضرب فى فجاج الأرض يبتغى العزةوالكرامة”