“قد نحتمل بلادة البليد ، و لكننا لا نستطيع أن نحتمل بليداً يضمر إلى جانب البلادة أحقاداً”
“استمع إلى الصوت الخفي و لا تبحث عن شيء خارج نفسك ، تعلّم ذلك إذا أردت أن تنجو و تفوز بالخلاص”
“قادته تجربته الطويلة مع الانتظار إلى المجهول دون أن يدري. استدرجته ديمومة الانتظار إلى دهليز أطلق عليه اسم الغيبوبة من باب الاستعارة. أدرك بهذهِ التجربة أن الشقوة ليست في أن نفشل، و لكن في أن ننتظر. أدرك أنّ القصاص ليس أن نيأس، و لكن أن ننتظر. أدرك أن البليّة ليس أن نهلك، و لكن أن ننتظر. و العلة ليست في الخيبة (خيبة الطلب)، و لكن لاستحالة أن يستمرئ الإنسان الانتظار أبدًا. بلى، بلى. الانتظار هو ما استعسر على الطبيعة الثانية المسماة في معجم الحكمة: العادة.في الآونة الأخيرة استعان على هذا الغول بالغيبوبة. لا ينكر أنه روَّض نفسه عليها طويلًا مستنجدًا بوصايا أمّه الكبرى، الصحراء؛ لأن الحياة في ذلك الوطن المفقود ليست سوى انتظار طويل، بل انتظار أبدي لا يضع لأبديته نهاية إلّا النهاية الطبيعية التي هي الموت.”
“الإنسان الذي لا يملك أن يصير حيًّا مع الأحياء، و لا ميتًا مع الأموات، ليس شقيًا فحسب، و لا طريدًا فحسب، و لكنّه مغلول باللعنة.”
“أي أن الصحراء دفعت به إلى أول درجة في سلم المنافي الطويل لا لأنها تعلم أنها لن تستعيده إلا بالتحمم بنار المنفى، و لكن ليقينها بأن الكنوز المخفية بعيدا في مجاهل النفوس لا تتزحزح ولا تهب نفسها إلا بعبور سلسلة طويلة و موجعة من المنافي. و الواحة كانت الدرجة الأولى في سلم المنافي.”
“و لم يكن يعلم يومها أن الصحراء كاهنة داهية، لا تخرب إلا لتبني، و لا تصيب بالداء إلا لتنجز الدواء، و لا تهلك مريدها إلا لتبعثه من رماد الموت حياً.”
“-إذا كانت السلطة ملككم، فما الحاجة إلى الصراع؟ -لو كانت السلطة ملكنا لعدمنا الحاجة إلى الصراع حقًا، و لعدمنا، مع هذا العدم، سبب وجودنا أيضًا!-ظننت أن السلطة على هذه الأرض ملككم وحدكم!ابتسم الرجل باستخفاف. التفت إليه ليقول بلهجة تفضح خيبة أمل:-لو كانت السلطة ملكيّتنا حقًّا لاختلف الأمر، و لكنّ أهل السلطان وحدهم يعلمون يقينًا أنهم لا يمتلكون السلطة!”