“تاريخ المثقفين العرب الحديث في حاجة الى اعادة تدوين و الى اعادة كتابة . هذه مهمة معرفية ضرورية ، ولا مجال للظن ان انجاز هذه المهمة يمنح فئة المثقفين دون سواها من الفئات الاجتماعية- امتيازا - أو انه ينطوي على تقدير قيمي فوق - اجتماعي لهذه الفئة . ذلك ان الحاجة الى كتابة تاريخ هذه الفئات جميعها و -على نحو أخص - تاريخ تكوينها وفعاليتها مما يرقى الى مرتبة الواجب ، غير اننا نميل الى الاعتقاد ان فئة المثقفين -بالذات- لم تحظَ بعد بالقدر الكافي من الاهتمام و هو ما لانستبعد ان تكون من اسبابه رغبة المثقفين انفسهم في عدم فتح هذا الموضوع الذي يفرض عليهم مراجعة رصيدهم ومحاكمة دورهم ، واذا ما صح الفرض فان صمتهم و احجامهم عن الكلام عن انفسهم من العلامات الشاهدة على ان شيئا ما -غير طبيعي- يعتمل في مجالهم و حقل اشتغالهم وانهم يساهمون في التستر عليه.”