“والاستبداد ريحٌ صرصرٌ فيه إعصار يجعل الإنسان كلّ ساعة في شأن، وهو مفسد للدّين في أهمّ قسميه أي الأخلاق؛ وأمّا العبادات منه فلا يمسّها لأنّها تلائمه في الأكثر. ولهذا تبقى الأديان في الأمم المأسورة عبارةً عن عبادات مجرّدة صارت عادات لا تفيد في تطهير النّفوس شيئًا، ولا تنهى عن فحشاء ولا منكر لفقد الإخلاص فيها تبعًا لفقده في النّفوس، الّتي ألفت أن تتلجأ وتتلوّى بين يدي سطوة الاستبداد في زوايا الكذب والرّياء والخداع والنّفاق؛ ولهذا لا يُستغرب في الأسير الأليف تلك الحال، أي الرّياء، أن يستعمله أيضًا مع ربّه، ومع أبيه وأمّه ومع قومه وجنسه، حتّى ومع نفسه.”

عبد الرحمن الكواكبي

Explore This Quote Further

Quote by عبد الرحمن الكواكبي: “والاستبداد ريحٌ صرصرٌ فيه إعصار يجعل الإنسان كلّ سا… - Image 1

Similar quotes

“تبقى الأديان في الأمم المأسورة عبارة عن عبادات مجردة صارت عادات فلا تفيد في تطهير النفوس شيئًا.”


“المستبد لا يستغنى عن أن يستمجد بعض افراد من ضعاف القلوب الذين هم كبقر الجنة لا ينطحون ولا يرمحون، يتخذهم كنموذج البائع الغشاش، على انه لا يستعملهم في شئ من مهامه فيكونون لديه كمصحف في خمارة او سبحة في يد زنديق . وربما لا يستخدم بعضهم في بعض الشئون تغليطآ لأذهان العامة في أنه لا يتعمد استخدام الأراذل والأسافل فقط ، ولهذا يقال أن دولة الاستبداد دولة بله واوغاد..عبدالرحمن الكواكبي، الاعمال الكاملة..”


“ ومن طبائع الاستبداد : أن الأغنياء أعداؤه فكراً وأوتاده عملاً , فهم رَبائط المستبد , يذلهم فيئنون،و يستدرهم فيحنون , ولهذا يرسخ الذل في الأمم التي يكثر أغنياؤها .”


“الاستبداد لا ينبغي أن يُقاوم بالعنف، كي لا تكون فتنةٌ تحصد النّاس حصدًا؛ نعم، الاستبداد قد يبلغ من الشّدة درجة تنفجر عندها الفتنة انفجارًا طبيعيًّا، فإذا كان في الأمّة عقلاء يتباعدون عنها ابتداءً، حتّى إذا سكنت ثورتها توعًا وقضت وظيفتها في حصد المنافقين، حينئذٍ يستعملون الحكومة في توجيه الأفكار نحو تأسيس العدالة، وخير ما تؤسّس يكون بإقامة حكومة لا عهد لرجالها بالاستبداد ولا علاقة لهم بالفتنة.”


“قرّر الحكماء أنّ الحرّيّة الّتي تنفع الأمّة هي الّتي تحصل عليها بعد الاستعداد لقبولها، وأمّا الّتي تحصل على أثر ثورةٍ حمقاء فقلّما تفيد شيئًا، لأنّ الثّورة غالبًا تكتفي بقطع شجرة الاستبداد ولا تقتلع جذورها، فلا تلبث أن تنبت وتنمو وتعود أقوى ممّا كانت أوّلاً.”


“فالقاتل، مثلاً، لا يستنكر شنيعته في المرّة الثّانية كما استقبحها من نفسه في الأولى، وهكذا يخفّ الجرم في وهمه، حتّى يصل إلى درجة التّلذّذ بالقتل كأنّه حقّ طبيعيّ له، كما هي حال الجبّارين وغالب السّياسيّين، الّذين لا ترتجّ في أفئدتهم عاطفة رحمة عند قتلهم أفرادًا أو أممًا لغايتهم السّياسيّة، إهراقًا بالسّيف أو إزهاقًا بالقلم، ولا فرق بين القتل بقطع الأوداج وبين الإماتة بإيراث الشّقاء غير التّسريع والإبطاء.”