“ان المجتمع المسلم انما ينشأ من انتقال افراد ومجموعات من الناس من العبودية لغير الله معه او دونه الى العبودية لله وحده لا شريك له ثم من تقرير هذه المجوعات ان تقيم نظام حياتها على اساس هذه العبودية وعندئذ يتم ميلاد جديد لمجتمع جديد مشتق من المجتمع الجاهلى القديم ومواجه له بعقيدة جديدة ونظام للحياة جديد يقوم على اساس هذه العقيدة وتتمثل فيه قاعدة الاسلام الاولى بشطريه ...شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ...وقد ينضم المجتمع الجاهلى القديم بكامله الى المجتمع الاسلامى الجديد او يجاريه وان كانت السنة قد جرت بان يشن المجتمع الجاهلى حربا لا هوادة فيها سواء على طلائع هذا المجتمع فى مرحلة نشوئه وهو افراد ومجموعات او على هذا المجتمع نفسه بعد قيامه فعلا وهو ماحدث فى تاريخ الدعوة الاسلامية منذ نوح عليه السلام الى محمد عليه الصلاة والسلام بغير استثناء..”
“يتحدث سيد قطب عن تعريف المجتمع الجاهلي وخصائصه ويورد الأمثلة الواقعية على ذلك إلى أن يقول : " وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها "مسلمة"! وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضا، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها. فهي - وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله- تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها، وشرائعها وقيمها، وموازينها، وعاداتها وتقاليدها...وكل مقومات حياتها تقريبا!.”
“إنه لا جدوى من المحاولات الجزئية حين يفسد المجتمع كله و حين تطغى الجاهلية و حين يقوم المجتمع على غير منهج الله و حين يتخذ له شريعة غير سريعة الله، فينبغي حينئذ أن تبدأ المحاولة من الأساس و أن تنبت من الجذور و أن يكون الجهد و الجهاد لتقرير سلطان الله في الأرض.. و حين يستقر هذا السلطان يصبح الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر شيئا يرتكن إلى أساس”
“أما المجتمع المسيحي - إذا صح هذا التعبير - فالمسيحية لا تحكمه، والنظم فيه لا تعتمد على العقيدة، إنما تعتمد أساسا على القوانين الوضعية، حيث تقف العقيدة في عزلة عن المجتمع، تحاول أن تعمل في ضمير الفرد وحده، وبديهي أن قوة النظام الاجتماعي لا تمهل الفرد ليستمع إلى صوت الضمير ما لم يكن هذا النظام ذاته قائما على العقيدة التي تعمر الضمير.”
“إن الإسلام لم يكن يملك أن يتمثل في "نظرية" مجردة، يعتنقها من يعتنقها ويزاولها عبادة، ثم يبقى معتنقوها على هذا النحو أفرادا ضمن الكيان العضوي للتجمع الحركي الجاهلي القائم فعلا. فإن وجودهم على هذا النحو -مهما كثر عددهم- لا يمكن أن يؤدي إلى "وجود فعلي" للإسلام، لأن الأفراد "المسلمين نظريا" الداخلين في التركيب العضوي للمجتمع الجاهلي سيظلون مضطرون حتما للاستجابة لمطالب هذا المجتمع العضوية .. سيتحركون - طوعا أو كرها، بوعي أو بغير وعي - لقضاء الحاجات الأساسية لحياة هذا المجتمع الضرورية لوجوده، وسيدافعون عن كيانه، وسيدفعون العوامل التي تهدد وجوده وكيانه، لأن الكائن العضوي يقوم بهذه الوظائف بكل أعضائه سواء أرادوا أم لم يريدوا..أي أن الأفراد "المسلمين نظريا" سيظلون يقومون "فعلا" بتقوية المجتمع الجاهلي الذي يعملون "نظريا" لإزالته، وسيظلون خلايا حية في كيانه تمده بعناصر البقاء والامتداد! وسيعطونه كفاياتهم وخبراتهم ونشاطهم ليحيا بها ويقوى، وذلك بدلا من أن تكون حركتهم في اتجاه تقويض هذا المجتمع الجاهلي لإقامة المجتمع الإسلامي!”
“فظاهر أن الجنس واللون والقوم والأرض لا تمثل الخصائص العليا للإنسان .. فالإنسان يبقى إنساناً بعد الجنس واللون والقوم والأرض ، ولكنه لا يبقى إنساناً بعد الروح والفكر ! ثم هو يملك - بمحض إرادته الحرة - أن يغير عقيدته وتصوره وفكره ومنهج حياته ، ولكنه لا يملك أن يغير لونه ولا جنسه ، كما إنه لا يملك أن يحدد مولده في قوم ولا في أرض .. فالمجتمع الذي يتجمع فيه الناس على أمر يتعلق بإرادتهم الحرة واختيارهم الذاتي هو المجتمع المتحضر .. اما المجتمع الذي يتجمع فيه الناس على أمر خارج عن إرادتهم الإنسانية فهـو المجتمع المتخلف .. أو بالمصطلح الإسلامي .. هو " المجتمع الجاهلي " !”
“لكي يدخل الانسان المجتمع الراقي هذه الايام, عليه ان يطعم الناس او يسلي الناس او يصدم الناس”