“لقد انتصر المجتمع الاسلامي الاول علي الردة الاعتقادية التي ثارت في اطرافه , لكنه انهزم امام الردة السياسية التي نبعت من قلبه . والردة - كما يقول ابن تيمية - قد تكون عن الدين كله , او بعض الدين . وتلك الردة السياسية المتمثلة في تحويل الخلافة الي ملك هي التي رسمت صيرورة الحضارة الاسلامية ومآلها , ولا تزال تتحكم في المسلمين حتي اليوم .”
“ولئن كانت الأولوية عند بعض علماء السنة في الماضي هي كشف فضائح الباطنية والرد علي الشيعة والقدرية , لأن المبتدعة كانت لهم صولة وجولة يومذاك , تكاد تطبق علي مشرق العالم الاسلامي ومغربه ... فإن الاولوية اليوم هي كشف فضائح المستبدين , وتجريدهم من اي شرعية اخلاقية او تاريخية . اضافة الي ان البدع السياسية لا تقل خطورة عن بدع الاعتقاد , كما تشهد به عبرة اربعة عشر قرنا من تاريخ الاسلام .”
“فكرة ارتباط الدين بالدولة الشديد العمق في الوعي الشعبي الاسلامي دون شك قد تبخر منذ فترة طويلة بعد زوال الخلافة ونشوء الصراعات السياسية والدينية المختلفة وظهور السلاطين والسلطنات. وقد حاول الكثير من المفكرين المسلمين القدماء ان يفرقوا بين الخلافة والسلطنة على اساس استلهام الاولى لشريعتها في تطبيقها للشريعة الاسلامية, بينما لا تقوم شرعية الثانية الا على مبدأ الغلبة والقوة. وقد اعترف الكثيرون منهم, في سبيل حماية الملة اي الامة وصيانة وحدتها بضرورة التوصية باطاعة السلطان حتى لو لم يكن متمسكا بالشريعة ومطبقا لها.”
“ليست العبادة هي تلك التي تؤدى في أوقات محددة لا تستغرق إلا وقتًا يسيرًا في حياة الإنسان. عبادة الله تشمل الدين كله وتشمل الحياة كلها. يقول الله تعالى: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.”
“ليس وجود نقاط ضعف محقّقة في واقع الدين (الاسلامي) نفسه, فليس في الدين نقاط ضعف فتكبّر هذة النقاط من قبل الاخر, و ينظر اليها الى انها اتهامات للدين نفسه أي ان نقاط التقصير في المسلمين انفسهم تؤخذ على انها نقاط تقصير في الدين الاسلامي نفسه, فتكون تلك التقصيرات حجة على الاسلام, بينما هي حجةٌ على المسلمين, فليست بالتالي مواطن اتهام لهذا الدين الحنيف”
“تسببت جرثومة العلمنة التي تسللت إلى الفكر الإسلامي في إفراغ التوحيد من حقيقته الأساسية حتى انتهى الأمر بأكثر المسلمين إلى أن تصبح قضية الشريعة التي يتحاكمون إليها قضية منفصلة عن عقيدة التوحيد ولا يعدون المروق منها مروقا من الدين”