“يصنع الإنسان عوالم صغيرة في العالم الكبير . يعني هذا أن المجتمع لكي يتحدث لايلزم أن ينتظر حتى تجتمع كافة الظروف الملائمة ؛ لأن التحولات الداخلية تبدأ من ابتكارات محلية وصغيرة جداً ، وتحدث في وسط يقتصر على بعض الأفراد ، في البداية هناك نواة مدنية محدودة ، لنقل مجموعة تفكر بحرية وتتحاور بحرية ،وتحاول أن تبني وعياً مشتركاً ، تبدوا هذه النواة الصغيرة والمحدودة العدد كما لو كانت نشازاً بالنسبة لحالة المجتمع العامة ، وإذا ما توافرت الشروط ، وإذا لم تسحق ، فستتكاثر وتتفشى ، وتصبح نزعة تتقوى ، لتشكل في النهاية الحالة الجديدة”
“يكفي في هذه البلاد أن تقولَ أنك مصابٌ بلوثة، حتى يصدّق الآخرون أنك مصابٌ بلوثة، ويضعوا منذ هذه اللحظة كامل جهدهم في إقناعك أنك مصابٌ بلوثة. يكفي أن تزعم أنك كنتَ البارحة ضحيةَ صرعٍ مفاجئ، حتى يبدأوا بالدهشة من أنك لم تعُد تصابُ بالصرعِ مثلما كنت تصاب به في ما مضى في أحيانٍ كثيرة. يكفي أن تشكو من تمنّع الكلمات وصمودها أمام الأفكار البسيطة التي تتخبط بين جدران رأسك مطالبةً بحرية الخارج الكبير، حتى يستغربوا من أنك صرت تنطق بعبارتك فلا تتلعثم. وكأن لا حرية للوهم والإشاعة الذاتية في هذا العالم. أو كأنَّ أحداً لا يحق له أن يقهر وسواسه.”
“رغم هذا العدد الكبير من الصّور إلا أن هناك شهداء لم يسبق لهم أن تصوَّروا. الصّورة الوحيدة لهم هي التي التقطت بعد الموت. وبكت لأن بعض الصور كانت لا تشبههم، لأن وجوههم كانت مشوهه بسبب الرصاص والشظايا، وبسبب الموت.”
“وأيا ما كانت درجة الإقناع أو عدم الإقناع في التفكير التحليلي النفسي، فإنه يتطلب أن ننظر إليه بقدر من التشكك، خاصة في فهمنا لحالات الإبداع في مجالات الحياة المختلفة. فالمبدعون لهم مشكلاتهم وخصوصياتهم كأي مجموعة أخرى من البشر، تحط من قدر العمليات الإبداعية ولا تساعد على الوصف الحقيقي لهذا النوع من السلوك بوصف الشروط الملائمة لنموه في إطار صحي.”
“إن المجتمع المتمدن يستند في بناء حضارته المعقدة على تنوع الاختصاص وتقسيم العمل . وليس من المجدي في هذا المجتمع أن يحرض الآباء أبناءهم على تقليد الغير ، فكل طفل مهيأ لأن يختص في ناحية معينة من نواحي الحضارة وأن يساهم في إنتاج التراث الاجتماعي حسب مقدرته . ولذا كان من الواجب على الآباء أن يراقبوا أبناءهم بدقة أثناء نموهم حتى يكتشفوا المجال الذي يصلح لهم ويصلحون له فيساعدونهم فيه .”
“هذا المجتمع الغارق في الكماليات, لا يقدر على التوقف لحظةواحدة للتفكير في أمنيات الفقراء, أمعقول أن يجلس العالم على ركبتيه ويستجدي السماء أن تمطر فرحا من أجل طفل ينام بحزن بجوار سلة النفايات؟ العالم مشغول جدا!”