“وهذا كتاب موعظة وتعريف وتفقه وتنبيه، وأراكَ قد عِبْتَهُ قبل أن تقف على حدوده وتتفكر في فصوله، وتتفكر آخره بأوله، ومصادره بموارده، وقد غلطك فيه بعض ما رأيتَ من مزح لم تعرف معناه، ومن بطالة لم تطلع على غورها، ولم تدرِ لِمَ اجتلبت، ولا لأي علة تكلفت، وأي شيء أريغ بها، ولأي جد احتمل ذلك الهزل، ولأي رياضة تجشمت تلك البطالة، ولم تدرِ أن المزاح جد إذا اجتلب ليكون علة للجد، وأن البطالة وقار ورزانة إذا تكلفت لتلك العاقبة”
“مما يعزي المرء عن بعض أحزانه استشعاره الرضا عن نفسه لأنه لم يخذل أحدا..ولم يتسخط على قدر اختاره الله له.. ولم يخن نفسه ولا واجبه الإنساني تجاه من تطلع إلى وفائه, فكان من الأوفياء وكان للآخرين في محنتهم حيث يجب أن يكونوا له هم في شدائد الحياة”
“قدحت ذهني ولم أجد شيئا أقوله ، وحقا لم أشعر إلا برغبة في أن أمد يدي وألمس ذلك الذراع القريب وأن أضع كفي على ذلك الرأس المهموم، واشتدت بي تلك الرغبة حتى طويت ذراعي على جسمي ممسكة بنفسي”
“الشيخ موسى على حق في كل شيء. لا يمل الشيخ من القول: "لا تودِع قلبك في مكان غير السماء، إذا أودعته عند مخلوق على الأرض طالته يد العباد وحرقته". والشيخ موسى لا يرهن قلبه. لم يرهنه قط. لم يتزوج ولم يلد ولم يربي قطعان الأغنام أو الإبل. ربما كان هذا هو سبب تحرره من الهم. لم يره غاضبا. ولم يره ضاحكا. ابتسامة واحدة، ثابتة، مطبوعة على شفتيه.”
“كثير من رؤساء الأمم يعرفون موضع الإكليل من رؤوس القادة وهم منتصرون ظافرون، ولكنه موضع يخقي جد الخفاء على أنظار هؤلاء الكثيرين إذا لم يدلهم عليه ضياء النصر والظفر ويبقى للعين الملهمة وحدها أن تراه في ظلام المحنة والبلاء.”
“من لي إذا قلبتني الأكف وشيل سريري فوق الرقاب .. ومن لي إذا ما هجرت الديار و عوضت عنها بدار الخراب .. ومن لي إذا آب أهل الوداد عني وقد يئسوا من إيابي .. و من لي اذا منكر جد في سؤالي فآذهلني عن جوابي .. ومن لي إذا درست رمتي وأبلى عظامي عفر التراب .. فهل تحرق النار قلبا اذيب بلوعة نيران ذلك المصاب”