“وكانت سعيدة.. ولم تكن تدري سر هذه السعادة.. لم تكن تدري أن الشفقة التي تحس بها نحوه هي سر سعادتها..لأن الشفقة ما هي إلا نوع من الأنانية وحب الظهور وحب العطاء.. إنها إحساس بالقوة تجاه ضعيف.. إحساس بالعظمة إزاء انسان ضئيل.. وهو إحساس يرضي صاحبه ويملأ نفسه غروراً وزهواً فيخيل إليه أنه سعيد.”
“وقد تجمع عناد أمينة كله في هذه اللحظة،وأغلقت على نفسها حجرتها،وأخذت تستعرض أيامها منذ جاءها أحمد خاطباً،وتكشف لها أشياء لم تتكشف لها من قبل،لقد عشقت حديثه ةعشقت شخصيته،ولم تتنبه قبل اليوم إلى أنه كان في كل أحاديثه يتعمد أن يدحض آراءها وينتصر عليها ، وأنه كان يتعمد دائماً أن يمحو شخصيتها بشخصيته، وكانت تتقبل انتصاره لأنها لم تكن تلحظ أنه يتعمده ولم تكن تحس فيه بمعنى الانتصار، وكانت تدع شخصيته تفرض نفسها عليها لأنها لم تكن تقارن بين شخصيته وشخصيتها أو تضع الحدود بينهما..”
“لم تكن تعرف ماهو الحب، وانه اسمى من الجسد..انه الروح.. انه الحنان ، انه الفكره ، انه المعنى، انه الانسانية .. لم تكن تعرف أو تفهم شيئا من هذا !”
“و قد عرف المجتمع كله هذه الحقيقة و إن لم يعترف بها .. عرف أنه لا يمكن تنظيم العاطفة البشرية و الرقى بها إلا فى نطاق الحرية .. فإذا وجدت للحرية أخطاء , فعلاجها هو .. مزيد من الحرية”
“هل الحرية في هذا الفراغ الكبير؟ هل الحرية هي هذه الساعات المشردة الممزقة التي تمر في حياة الإنسان دون أن تحسب من عمره؟”
“إنها المرأة الوحيدة التي لم تكلفه شيئاً .. شيئاً من عواطفه، ولا شيئاً من ماله.. لقد فرض نفسه على حياتها عندما أراد، فلم تعانده عندما جاء ، ولم تحتج عندما انسحب .. كانت كالشاطئ الجدب لا يملك شيئاً إذا جاءته أمواج الحياة أو انحسرت عنه..”
“لم يشعر أبداً بالفقر إلا اليوم.. إلا هذه الساعة.. عندما عرف أن أحلامه التي عذبته وأضنته وأنهكت قواه ، يستطيع غيره أن يحققها لأنه يستطيع أن يدفع ثمنها..”