“إذا كان الوضع الذي ساد في عالم الإسلام لترتيب العلاقة بين العقل والنقل; وأعني بالكيفية التي ظل معها العقل تابعا لسلطة النقل علي نحو شبه كامل, هو ما يؤسس لهذا التصور الغالب عن قصور العقل واحتياجه, فإن أصل هذا الوضع لا يرتد- علي عكس ما يتبادر سريعا للذهن- إلي الإسلام نفسه, بل إنه يجد ما يؤسسه كاملا في قلب الثقافة السابقة عليه, والتي يبدو- وللمفارقة- أن الإسلام قد قصد إلي زحزحة وإزاحة نظامها الكلي, علي الرغم من إدماجه لبعض عناصرها الجزئية في صميم بنائه. فإنه إذا كان التحليل يكشف عن أن من قاموا علي صياغة التيار الغالب في ثقافة الإسلام( الذين يتناسلون في سلالة ممتدة من علماء الأصول الكبار من مثل الشافعي وابن حنبل والأشعري والباقلاني والجويني والغزالي وابن تيمية وغيرهم) قد كرسوا تبعية- تتفاوت حدودها- من العقل للنقل, فإنه يبدو- وللغرابة- أن الترتيب الذي كرسه هؤلاء المؤسسون الكبار للعلاقة بين العقل والنقل, يمثل انحرافا عن ترتيب العلاقة بينهما الذي ينبني عليه فعل الوحي ذاته; وهو الفعل المؤسس للإسلام كدين.”

علي مبروك

علي مبروك - “إذا كان الوضع الذي ساد في عالم الإسلام...” 1

Similar quotes

“وبالرغم من هذا الاتفاق بين إصلاحيي القرن التاسع عشر ودعاة هذه الأيام التليفزيونيين, في قراءة أزمة التأخر العربي بعامل الابتعاد عن الإسلام, فإنه يبقي أن قراءة كل منهما لتلك الظاهرة تختلف عن قراءة الآخر لها علي نحو كامل. وللمفارقة فإن القراءة الإصلاحية, القادمة من القرن التاسع عشر, لهذه الظاهرة, كانت أكثر وعيا واستنارة من القراءة الراهنة التي يقدمها دعاة هذه الأيام لها. إذ فيما يلح دعاة هذه الأيام علي تفسير ابتعاد الناس عن الإسلام بالميل المتأصل في نفوسهم إلي الهوي; وعلي النحو الذي يترتب عليه ضرورة زجرهم وقمعهم, فإن رجل الإصلاح قد ألح, في المقابل, علي مسئولية الاستبداد الكبري في إبعاد الناس عن جوهر الإسلام. ومن هنا فإن رجل الإصلاح لم يكن أكثر فهما فقط, بل وكان أكثر جرأة وشجاعة من شيوخ هذه الأيام البؤساء; الذين لا يفعل الواحد منهم- للأسف- إلا أن يكون معينا للمستبد في السيطرة علي المحكومين.”

علي مبروك
Read more

“تدرك السياسة, وخصوصاً حين تكون قامعة مستبدة، أن العقل المنفتح غير المقيد هو أخطر ما يتهددها؛ وذلك من حيث يؤشر علي أن نقيضها من الحكم الرشيد هو المؤدي- وليس سواه- إلي تحقيق صالح المجموع، ومن هنا ما تسعي إليه، علي الدوام، من إزاحته وإبعاده.وإذ تدرك استحالة إنجاز هذا الإنجاز بما تمتلك من وسائل الترويع والبطش، فإنها تتوسل بالدين والشرع لتضعهما في مواجهة معه، وللغرابة، فإن ذلك لا ينتهي إلي إسكات صوت العقل فحسب، بل إلي تهديد منظومتي الدين والشرع علي نحو كامل.”

علي مبروك
Read more

“فإذا سألتني عن أسلوب الاختيار الأمثل لشريك الحياة أجبتك بأن أفضل الاختيارات هو ما صادف هوى القلب ولم يتعارض مع أحكام العقل . وأن ما يليه في الأفضلية هو اختيار العقل الذي لا يرفضه القلب أو يحتج عليه فيكون تربة صالحة لبذر بذور الحب ورعايتها ختى تتفتح أزهارها , أما أسوأ الاختيارات فهو اختيار العقل الذي يرفضه القلب وينفر منه نفوراً راسخاً لا أمل في تغييره ثم اختيار القلب الذي يرفضه العقل فيجعل من صاحبه ساحة للصراع بين نداءين متعارضين , ويحسمه العقل لصالحه في كثير من الأحيان بعد بعض السعادة وكثير من المعاناة.”

عبد الوهاب مطاوع
Read more

“العقل البشري المتطور مع الزمن.. هو الذي يثبت لنا أن ما هو فوق قدرة العقل موجود في هذا الكون.. ذلك أن ما كان فوق قدرة العقل البشري منذ آلاف السنين أصبح الآن في قدرة هذا العقل.. مما يثبت أنه كان موجودا فعلا رغم كونه كان فوق قدرتنا.”

أحمد زين
Read more

“الشرط الإنساني هو الأساس المنطقي للانتقال من لحظة إلي أخري في تركيب ظاهرة الوحي( حتي لا يصار إلي رد هذا الانتقال إلي تغيرات تطرأ علي الذات الإلهية كمصدر للوحي), فإن تنزيل الوحي داخل لغة ما( واللغة ليست محض وسيط اتصال محايد, بل نظام تفكير كامن خلف الألفاظ والعلاقات التي تقوم بينها), إنما ينطوي علي تحدد الوحي بهذا النظام الكامن. ومن جهة أخري, فإن كون الوحي يكون حواراً مع واقع المخاطبين به, إنما يكشف عن تحدده بما يمثل تاريخهم الحي. وبالطبع فإن ذلك يعني أن الوحي لا يفرض نفسه كبنية مغلقة ومطلقة تعلو علي البشر( تفكيراً وتاريخاً), بل كتركيب يقوم علي الحوار المفتوح مع تاريخهم ونظام تفكيرهم. وهكذا, فإن الوحي الذي يتخفي الكثيرون وراءه من أجل تثبيت رؤاهم الخاصة كمطلقات لا تقبل التجاوز, يبين- هو نفسه- عن روح تخاصم الأطلقة وتأباها. وللمفارقة, فإن ذلك يعني- بوضوح وصراحة- أن الوحي ليس هو الأصل المنتج للأطلقة( كآلية تفكير تسود فضاء التفكير العربي من دون تمييز بين تراثي وحداثي), بقدر ما هو أحد أكبر ضحاياها”

علي مبروك
Read more