“وأعجب العجب ما يصادفه الإنسان من الإعجاب المبهور الذي يبديه بعض الناس بالحقائق الصغيرة الجزئية الناقصة المحدودة , التي يتمثلها العقل البشري أحيانًا في محاولاته للوصول إلى الحقيقة عن طريق الفلسفة , متنكبًا طريق الهدى الرباني القويم .. وهي إلى جانب المشهد الرائع المتكامل المتناسق للحقائق التي يقوم عليها التصور الإسلامي تبدو جانبية هزيلة ..إن هذا يذكرني بذلك الإعجاب المبهور , الذي يكاد يجن , أو يطير , حين يطلق الناس قمرًا صناعيًا صغيرًا , يدور حول الأرض , أو حول الشمس فترة محدودة من الزمان , بينما هم يمرون على الأرض والشمس والقمر - وعلى الكون كله - في غفلةٍ بليدة , فلا يلقون إلى هذا المشهد الرائع الفائق الباهر إلا نظرة عابرة ساذجة , أو مطموسة !!”
“العلم حقيقة محايدة، لا تؤدي بذاتها إلى الخير أو الشر، ولا تؤدي بذاتها إلى الهدى أو الضلال. ولكن القلب الذي يستخدم هذه الحقيقة هو الخيِّر أو الشرير، هو الذي يتجه بها إلى طريق الهدى أو طريق الضلال”
“إننا لا نبغي بالتماس حقائق التصور الإسلامي، مجرد المعرفة الثقافية. لا نبغي إنشاء فصل في المكتبة الإسلامية، يضاف إلى ما عرف من قبل باسم "الفلسفة الإسلامية". كلا! إننا لا نهدف إلى مجرد "المعرفة" الباردة، التي تتعامل مع الأذهان، وتحسب في رصيد "الثقافة"! إن هذا الهدف في اعتبارنا لا يستحق عناء الجهد فيه! إنه هدف تافه رخيص! إنما نحن نبتغي "الحركة" من وراء "المعرفة". نبتغي أن تستحيل هذه المعرفة قوة دافعة، لتحقيق مدلولها في عالم الواقع.نبتغي استجاشة ضمير "الإنسان" لتحقيق غاية وجوده الإنساني، كما يرسمها هذا التصور الرباني. نبتغي أن ترجع البشرية إلى ربها، وإلى منهجه الذي أراده لها، وإلى الحياة الكريمة الرفيعة التي تتفق مع الكرامة التي كتبها الله للإنسان، والتي تحققت في فترة من فترات التاريخ، على ضوء هذا التصور، عندما استحال واقعاً في الأرض، يتمثل في أمة، تقود البشرية إلى الخير والصلاح والنماء.”
“فنحن نؤمن بالخير ونحارب الشرِّ؛ لأن هذاصادر عن عقيدة راسخة أساسها الدين، ونحن لا نتقبل جدلًا في إيماننا هذا، لا من علماءالفلك، ولا من غيرهم، ولا يعنينا في هذا أمر النظريات أو الحقائق العلمية، بل إننا نحيا ونموت مؤمنين متمسّكين بعقيدتنا، ندافع عن الخير، وعن الفضيلة، وعن العدل، ونحارب الشر والرذيلة والظلم، سواء أكانت الأرض هي التي تدور حول الشمس، أو الشمس هي التي تدور حول الأرض، وسواء أكانت الأجسام تتبع في سقوطها آراء أرسطو، أو مذهب .غاليلي”
“إنه لصراع مزيف ذلك الذي يدور حول مفهوم المواطنة، التي تُمنح على أساس حق الأرض وحقّ الدم كما لو كان الانتماء إلى جماعة ما يرتبط بعوامل تعود عن الإنسان ومشاعره. أن تولد في مكان ما بعينه أمر لا يعتمد على رغبة الفرد على الإطلاق، ومن ثم فهو ليس مدعاة للفخر أو للخجل.”
“إن الإسلام لا يريد من المؤمنين أن يدعوا أمر الدنيا . فهم خلقوا للخلافة في هذه الدنيا . ولكنه يريد منهم أن يتجهوا إلى الله في أمرها ؛ وألا يضيقوا من آفاقهم , فيجعلوا من الدنيا سوراً يحصرهم فيها . . إنه يريد أن يطلق " الإنسان " من أسوار هذه الأرض الصغيرة ؛ فيعمل فيها وهو أكبر منها , ويزاول الخلافة وهو متصل بالأفق الأعلى . . ومن ثم تبدو الاهتمامات القاصرة على هذه الأرض ضئيلة هزيلة وحدها حين ينظر إليها الإنسان من قمة التصور الإسلامي . .”