“إن إحساس البشر كعدسات آلات التصوير.. بعضها يفتح ويغلق باستمرار ليلتقط ما حوله من صور الجمال والقبح فتتأثر به النفس .. وبعضها يفتح ويغلق بالمحاولة وإلحاح الظروف المحيطة بالنفس.. وبعضها يظل مغلقاً أمداً طويلاً لا تتأثر خلاله النفس بصور الحياة ولا تلتقط منها شيئاً، ثم فجأة .. وبدافع غير إرادي.. وبلا سبب.. تحدث هزة نفسية نتيجة تفاعلات قديمة العهد، كما تحدث ثورة البراكين أو الهزات الأرضية، وفي هذه الحالة تتفتح عدسة الإحساس من تلقاء نفسها ، وتلتقط أول صورة تمر بها..”
“يفتح العصفور الحديقة ويغلق جناحيه”
“ولكني مع ذلك ابغضها والله بغض المحرور لما يتلذع من أشعة الشمس, وبغض العين الرمداء لما يتلألأ من إشراق الضحى؛ فلا يداخلك في ذلك ريب ولا شك. وسيبقى سبب هذا البغض من سر الحب الذي لا يعرف, إن بعض الأسرار فيه ضربة العنق فلا يباح به, وبعضها فيه ألم النفس الكبيرة فلا يباح به كذلك..”
“غير أن هناك أناساً يتألمون ألماً متفجراً ينطلق انتحابات على حين فجأة، ثم إذا هو يعتصم بعد ذلك بالترتيل. وهذه الحالة تلاحظ على النساء خاصة، وليس هذا الألم أقل أو أخف من ألم الصامتين. إن الترتيل لا يخفف عن النفس إلا لأنه يحيي جروح القلب وينكؤها أعمق فأعمق. إن هذه الصورة من صور الألم لا تتطلب عزاء ولا تسعى إلى سلوى، لأنها تغتذي من الشعور باستحالة اشباعه، فالترتيل إنما يعبر عن الحاجة إلى نكء الجروح بغير توقف.”
“إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات. فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة، أو آنية أو أسطوانة، أو هيكل أو جهاز. كائناً في دقته ما يكون.. و لكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة. حياة نابضة خافقة. تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز.. سر الحياة.. ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر، و لا يعرف سره بشر.. و هكذا القرآن.. حروف و كلمات يصوغ منها البشر كلاماً و أوزاناً، و يجعل منها الله قرآناً و فرقاناً، و الفرق بين صنع البشر و صنع الله من هذه الحروف و الكلمات، هو الفرق ما بين الجسد الخامد و الروح النابض.. هو الفرق ما بين صورة الحياة و حقيقة الحياة!”
“الحياة مجموعة من الإقتباسات المتصلة مع بعضها البعض كقطعة واحدة، بعضها دوّن، وبعضها اختفى، والبقية في حالة إنتظار”