“* في لحظة الحب ينفتح شئ فينا ليس الجسد بل ما هو أكثر بوابة الواقع كلها تنفتح على مصراعيها فتتلامس الحقائق والمعاني الجميلة والمشاعر التي يحتوي عليها الحبيبان. ويحدث الانسجام من هذا التماس بين الأفكار والمعاني والأحاسيس الرقيقة..ويخيل للأثنين في لحظة أنهما واحد. ويسقط آخر قناع من أقنعة الواقع ..فتذوب الأنانية التي تفصلهما ويصبحان مصلحة واحدة وفكرة واحدة.. ولكنها لحظة خاطفة لأن الواقع الصفيق ينسدل من جديد بين الحبيبيين فيعود الهم يعزلهما الواحد عن الآخر .. هم الزمن والساعة التي آزفت والميعاد الذي انتهى والوقت الذي حتم على كل منهما أن يعود إلى عمله وهم المكان الذي يعزلهما كل واحد في بلد وهم الجسد الذي يحوي كل منهما في كيان مستقل من اللحم والدم وهم المجتمع الذي يحتوي على الآثنين ويطالبهما بالتزامات وواجبات وهم الماضي الذي يدخل كشريك ثقيل الظل في كل لحظة.. إننا لا نعيش وحدنا بل هناك الآخرون وكلهم ينازعون حريتنا ولقمتنا وحياتنا. وفي هذا الزحام نضيع ويطمس الواقع أحلامنا ويأخذنا معه في دوامة من التكرار السخيف من الآكل والشرب والنوم لا نفيق منها إلا لنغيب فيها من جديد وتمضي حياتنا في روتين ممل لا نلتقي فيه بأنفسنا أبدًا ولا نذوق الحب ولا نعرفه.إن الشهوة شئ غير الحب إنها أقل من الحب بكثير فهي رغبة النوع وليست رغبة الفرد إنها علاقة بين طبيعتين وليس علاقة بين شخصين علاقة بين الذكورة والأنوثة..والفرد لا يكشف فيها عن نفسه ولكنه يكشف نوعه وذكورته والحب لا يحتوي على الشهوة ولكن الشهوة لا تحتوي عليه..بالحب لا تكشف فقط إنك ذكلا ولكنك تكشف أيضًا أنك فلان وأنك اخترت فلانه بالذات ولا يمكن أن تستبدلها بآخرى. إن كلمة أحبك هي أعمق وأجمل كلمة في حياة الرجل لأنها ليس مجرد كلمة وإنما هي نافذة يطل منها على حقيقته وسره.والحب الذي أعمق من كل حب لا يفجره في القلب إلا التصوف والشعور الديني. لأن الدين هو الذي يعيد الإنسان إلى النبع الذي صدر منه ويأخذا بالإنسان الساقط في الزمان والمكان ليرفعه إلى سماوات الأبدية ولا يرفعه إلى هذه السماوات إلا الحب الذي يفنى العابد عن نفسه وعن الدنيا شوقا إلى خالقه.”

مصطفى محمود

مصطفى محمود - “* في لحظة الحب ينفتح شئ فينا ليس الجسد بل...” 1

Similar quotes

“إلى المستقبل أو الماضي , إلى الزمن الذي يكون فيه الفكر حراً طليقاً , إلى زمن يختلف فيه الأشخاص عن بعضهم البعض ولا يعيش كل منهم في عزلة عن الآخر وإلى زمن تظل الحقيقة فيه قائمة ولا يمكن لأحد أم يمحو ما ينتجه الآخرون . وإليكم , من هذا العصر الذي يعيش فيه الناس متشابهين , متناسخين , لا يختلف الواحد منهم عن الآخر . من عصر العزلة , من عصر الأخ الكبير . من عصر التفكير المزدوج , تحياتي ! "شعر آنذاك كأنه في عالم الأموات , وبدا له أنه في هذه اللحظة فقط , لحظة بات فيها قادرا على صياغة أفكاره , قد اتخذ الخطوة الحاسمة . إن عواقب كل عمل تكمن في العمل نفسه , وكتب :"إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت , إنها الموت نفسه !”

جورج أورويل
Read more

“الحب لا يعطي إلا من نفسه، ولا يأخذ إلا من نفسه .والحب لا يملك، ولا يطيق أن يكون مملوكاً ، وحسب الحب أنه حب .إذا أحب أحدكم فلا يقولن :"إن الله في قلبي" وليقل بالأحرى :"إنني في قلب الله" .ولا يخطرن لكم ببال أن في مستطاعكم توجيه الحب بل إن الحب ، إذا وجدكم مستحقين ، هو الذي يوجهكم .”

جبران خليل جبران
Read more

“وعدت أقول لها: ولا حتى الحب؟! فأشارت إلى إصبعها.. إلى الخاتم الذي رأيته من اللحظة الأولى.. إنها صغيرة.. إنها لا تعرف أن الخاتم لا يدل على الحب.. ولا الحب يدل عليه الخاتم.. وأن الخاتم يشغل هذا المكان من الإصبع.. ولكن الحب يشغل كل شيء ولا يبدو كالخاتم.. ولا لامعا كالخاتم.. ولا خانقا كالخاتم!”

أنيس منصور
Read more

“الرجل الصلب والمرأة الصلبة.. الرجل المتأبي المتعفف المتمنع الذي يغلي في داخله ولا ينطق.. ولا يفصح عن شيء مما يعتمل بقلبه..وقد تجد اثنين من هذا النوع يتحابان من الداخل دون أن يتبادلا كلمة أو نظرة صريحة أو لقاء.. وإذا تكلما فهما يطرقان كل الموضوعات إلا الموضوع الذي يشغلها..ومثل هذا الحب الذي يولد مخنوقاً.. يموت غريقاً في النهاية.. غريق الواقع والضرورات وينتهي أمر الاثنين إلى زواج تقليدي عن طريق الخاطبة.. أو الأم أو الأب .. ويفشل الزواج كما فشل الحب.. وينتحر الكبرياء على مذبح الغباء والجهل..هل يكون هذا حباَّ.. لا .. إنه مزيج من عدم الثقة والحب والخوف والتردد.. وميراث عتيق من التقاليد الميتة..إنها عفة ضالة ملعونة مثل الحرية العابثة تماماَ.. ونهاية الاثنين الضياع في سلة مهملات واحدة..”

مصطفى محمود
Read more

“إن كثيرًا من المغالين لا يرون إلا جزءًا من الصورة، وهو تراجع مستوى حكام المسلمين عن المستوى الذي كان عليه حكام الامة في صدر الإسلام. أو الذي كان عليه الصفوة من حكام الامة على مدار التاريخ الإسلامي، وهم لا ينظرون إلى التراجع الخطير الذي حدث على المستوى الشعبي العام.”

عبدالكريم بكار
Read more