“لا يتعظ الإنسان بالقرآن، فتطمئن نفسه بوعده وتخشع لوعيده، إلا إذا عرف معانيه وذاق حلاوة أساليبه. ولا يأتي هذا إلا بمزاولة الكلام العربي البليغ، مع النظر في بعض النحو كنحو ابن هشام وبعض فنون البلاغة كبلاغة عبد القاهر، وبعد ذلك يكون له ذوق في فهم اللغة يؤهله لفهم القرآن.”
“إن بعض الناس يوجد فيهم خاصية أنهم يقدرون على الكلام بأي موضوع أمام أي إنسان، سواء كان يدرك الكلام ويقبله أم لا. وهذه الخاصية كانت موجودة عند السيد جمال الدين، يُلقِي الحكمة لمريدها وغير مريدها، وأنا كنت أحسده على هذا، لأنني أتأثر في حالة المجالس والوقت، فلا تتوجه نفسي للكلام إلا إذا رأيتُ له محلا.”
“التقليد كما يكون في الحق يأتي في الباطل، وكما يكون في النافع يحصل في الضار فهو مضلة يعذر فيها الحيوان ولا تجمل بحال الإنسان”
“من يريد خير البلاد فلا يسعى إلا في إتقان التربية , و بعد ذلك يأتي له جميع ما يطلبه .. بدون إتعاب فكر ولا إجهاد نفس ؟! . ــ محمد عبده ( ابريل سنة 1881 م )”
“إذا رجع الإنسان إلى نفسه، وأصغى لمناجاة سره، يجد عندما يهم بعمل شيء أن في قلبه طريقين، وفي نفسه مختصمين: أحدهما يأمره بالعمل وسلوك الطريق الأعوج، وآخر ينهاه عن العوج، ويأمره بالاستقامة على المنهج. ولا يترجح عنده باعث الشر، ولا يجيب داعي السوء، إلا إذا خدع نفسه بعد المشاورة والمذاكرة المطلوبة فيها، وصرفها عن الحق، وزين لها الباطل. وهذه الشئون النفسية في غاية الخفاء. تكون المنازعة، ثم المخادعة، ثم الترجيح. ويمر ذلك كله كلمح البصر، وربما لا يلتفت إليه الإنسان بفكره، ولذلك قال تعالى "وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"، فإن الشعور هو إدراك ما خفي.”
“ولا بد في تحقق الإيمان من اليقين، ولا يقين إلا ببرهان قطعي لا يقبل الشك والارتياب. ولا بد أن يكون البرهان على الألوهية والنبوة عقليا، وإن كان الإرشاد إليهما سمعيا. ولكن لا ينحصر البرهان العقلي المؤدي إلى اليقين في تلك الأدلة التي وضعها المتكلمون، وسبقهم إليها كثير من الفلاسفة الأقدمين، وقلما تخلص مقدماتها من خلل، أو تصح طرقها من علل، بل قد يبلغ أمِّيٌّ عِلم اليقين بنظرة صادقة في ذلك الكون الذي بين يديه، أو في نفسه إذا تجلت بغرائبها عليه. وقد رأينا من أولئك الأميين ما لا يلحقه في يقينه آلاف من أولئك المتفننين، الذين أفنوا أوقاتهم في تنقيح المقدمات وبناء البراهين، وهم أسوأ حالا من أدنى المقلدين.”
“معرفتنا بالقرآن كمعرفتنا بالله تعالى: أول ما يُلقَّن الوليد عندنا من معرفة الله تعالى، هو اسم "الله" تبارك وتعالى، يتعلمه بالأيمان الكاذبة! كقوله: "والله لقد فعلت كذا، والله ما فعلت كذا!". وكذلك القرآن: يسمع الصبي ممن يعيش معهم أنه كلام الله تعالى، ولا يعقل معنى ذلك، ثم لا يعرف من تعظيم القرآن إلا ما يعظمه به سائر المسلمين الذين يتربى بينهم.”