“بل وصل الحال فى عهد معاوية أن دخل عليه أحدهم وهو فى مجلس الخلافة فحياه قائلا : السلام عليك أيها الأجير.وعندما اعترض عليه نفر من الجالسين أصر على مقولته متسائلا: ألم يستأجرك الله لرعاية هذه الأمه؟.وهو ذاته الذى هب فى وجه معاوية عندما حبس بعض الهبات المالية عن المسلمين وقال له أمام الجميع: كيف تمنع العطاء وأنه ليس من كدك ولا من كد أبيك ولا من كد أمك؟!”
“وقد كان الإمام الشيخ شلتوت واحدا من الذين حاولو بالمنطق الهادىء أن ينبهوا إلى " ضرورة القراءة الصحيحة للسنة " وسجل رأيه فى كتابه المعروف " الإسلام عقيدة وشريعة " , قائلا : إن السنة تشريع وليس تشريع فمن السنة التى لاتعتبر تشريعا ولا تلزم المسلمين .: مايعتبر سلوكا شخصيا للرسول عليه السلام , أو أراء مبنية على إجتهادات وتجارب خاصة . ولعلنا نذكر هنا قصته مع بعض أهل المدينة , الذين نصحهم فى مسألة زراعة النخيل , وعندما أبلغ أن النصيحة لم تحقق هدفها المرجو قال أنتم أعلم بشؤون دنياكم ثم أضاف الشيخ شلتوت أن السنة التى تعد تشريعا لها درجات * ماصدر عن النبى بإعتباره مبلغا ورسولا " كأن يبين مجملا فى القرآن أو يخصص عاما أو يبين شأن فى العبادات , أو الحلال أو الحرام ,أو العقائد والأخلاق " وهذا يعتبر تشريعا ثابتا يلزم كافة المسلمين متى علمو به * ما صدر عن الرسول بوصفه إماما لجماعة المسلمين , مثل بث الجيوش وإنفاق بيت المال , وتولية القضاه وعقد المعاهدات . وذلك لايعد تشريعا عاما ولايجوز الإقدام عليه إلا بإذن الحاكم . وليس لأحد أن يفعل منه شيئا من تلقاء نفسه بحجة أن النبى فعله أو طلبه * ماصدر عن الرسول لابإعتباره مبلغا ولابإعتباره إماما للمسلمين ولكن صدر عنه بإعتباره قاضيا يفصل فى الدعوة بين المسلمين وذلك لايعد تشريعا , فليس لأحد أن يستند إلى حكم قضى به الرسول لينال حقا له دون الرجوع إلى سلطة او قضاء”
“لا أعرف إلى أى مدى فوجئ العالم العربى بلغة المحامين المصريين. لكن الذى أعرفه أنها ليست مشكلة المحامين وحدهم. ولكن المحامين مجرد «عينة» لمستوى خريجى الجامعات، الذين انتقلوا من الأمية اللغوية التى حصلوها فى مراحل التعليم السابقة. إلى مستوى آخر من الأمية فى الجامعات التى لا توجه أى عناية للغة العربية، بل إن بعض كلياتها أصبحت تتباهى بأنها فتحت أقساما «أرقى» تدرس باللغات الأجنبية، وطلابها وطالباتها ينظرون بدونية إلى زملائهم الذين يدرسون باللغة العربية.إذا تتبعنا المشكلة فى عمقها فسنجد أن انحطاط اللغة الفصحى له أسباب عدة من بينها اتصاله الوثيق بتراجع مؤشرات الاعتزاز بالهوية والكبرياء الوطنى. ولذلك فإن انحطاط اللغة يظل من تجليات الانحطاط الثقافى والهزيمة الحضارية. ولذلك قيل إن اعوجاج اللسان علامة على اعوجاج الحال.إن مراحل الضعف السياسى والانكسار الحضارى تصيب البنية الثقافية فى مقتل، بذات القدر الذى تضعف فيه مراكز العافية الأخرى فى المجتمع. لذلك فإن تدهور التعليم يصبح ضمن أخطر تلك الانهيارات، ذلك أنه لا يقوض الحاضر فقط لكنه يدمر المستقبل أيضا ــ من هذه الزاوية أزعم أن الأداء البائس للمحامين يظل أحد القرائن التى تدين عهد مبارك، وأن أولئك المحامين أصبحوا من حيث لا يدرون شهودا على انحطاط عهده الذى لم تصغر فيه مصر فقط، ولكنها مسخت وتشوهت أيضا.حين انهار التعليم فى مصر، لم ينحط مستوى الإحاطة باللغة العربية ولا ضعف مستوى الخريجين فقط، ولكن أدى ذلك إلى انتعاش المدارس الأجنبية التى باتت تهدد وجود العربية الفصحى ذاته. وفى الوقت الراهن فإن كل أبناء القادرين جرى احتلال لسانهم باللغة الإنجليزية إلا من رحم ربك بطبيعة الحال. واستمرار هذا الوضع يجعلنا نتشاءم كثيرا بالمستقبل، الذى أزعم أن الفصحى ستلقى فيه ضربات قاصمة وقاضية.فى أجواء الهزيمة ينتعش المتغربون ويجترئ الغلاة والمتعصبون الذين يعادون العربية الفصحى ويحتقرون شأنها. ولدينا فى مصر من بات يبث برامج تليفزيونية ونشرات إخبارية باللهجة العامية، فى عداء سافر للعربية الفصحى وللهوية التى عبر عنها. وقد بلغ احتقار العربية والازدراء بها حدا جعلنا نقرأ فى إعلان قبيح نشر أكثر من مرة فى شهر أبريل الماضى أن: الشبكتين بؤا (بقيا أو أصبحا) شبكة واحدة والفرحة بَئِت فرحتين!إن احتقار اللغة عار يعبر عن التصاغر واحتقار الذات.”
“ظلمو الإسلام حينما حينما قدموه إلى الناس قوالب صخرية مجمدة, وحينما إمتدت عبادة نصوص القرآن والسنة إلى عبادة نصوص الفقهاء. ومدارس عبادة النصوص هذه ظلمتنا عندما حاولت أن ترسخ فى أعماقنا أن الدين هدف لاوسيلة , وأن الإنسان للدين وليس الدين هو الذى جاء من أجل الإنسان”
“إن السؤال العاجل والملح هو : كيف يمكن أن تحل مشكلات الناس على أفضل وجه , وليس على الإطلاق من أين يأتي ذلك الحل وما هي هويته؟ إن المصب هو الذي ينبغي أن يعنى به الجميع وليس المنبع”
“يقول الشيخ محمد عبدالله دراز :"كل إنسان له في الإسلام قدسية الإنسان، إنه في حمى محمي وحرم محرم. ولا يزال ك1لك حتى يهتك هو حرمة نفسه. وينتزع بيده هذا الستر المضروب عليه، بارتكاب جريمة ترفع عنه جانبا من تلك الحصانة... بهذه الكرامة يحمي الإسلام أعداءه، كما يحمي أبناءه وأولياءه.. وهذه الكرامة التي كرم الله بها الإنسانية في كل فرد من أفرادها، هي الأساس الذي تقوم عليه العلاقات بين بني آدم" - ( نظرات في الإسلام ص 164)”
“وفي مختلف كتاباتهم وحوارتهم [إشارة إلى "العلمانيين المتطرفيين" حسب وصف الكاتب] فإنهم ما اتفكوا يدسون على عقولنا أفكارًا وصياغات تضفي على التطبيق الإسلامي صفات الكراهة والنفور، فهو عندهم يتلبس الحق الإلهي، ويُباشر بدعوى التفويض من الله، ويتخفى بقناعات العصمة والقداسة، ويُحيل الحكم إلى كهنوت يحتكره القابضون على أسرار الشريعة القائمون على السلطة الدينية. وهم في ذلك كله ما برحوا يحتجو علينا بتاريخ لم ينبت لنا في أرض، ويخوفوننا بعفاريت لم تدخل لنا بيت، ويصطنعون أوهامًا وكوابيس ما أنزل الله بها من سلطان، لا في ماضي المسلمين ولا في فكرهم ولا في تعاليم دينهم”