“اننا نتبين ان عملية نمو الحرية الانسانية لها الطابع الجدلي نفسه الذي لاحظناه في عملية النمو الفردي. فمن جهة, انها عملية نمو القوة والتكامل, السيادة على الطبيعة, نمو قوة العقل الانساني ونمو التضامن مع البشر الآخرين. ولكن من جهة اخرى نجد ان هذا الاصطباغ المتنامي بصبغة فردية يعني تنمية العزلة والقلق ومن ثم نمو الشك فيما يتعلق بدور الانسان في الكون ومعنى حياة الانسان والشعور النامي بعجز الانسان ولا معناه كفرد.”

اريك فروم

Explore This Quote Further

Quote by اريك فروم: “اننا نتبين ان عملية نمو الحرية الانسانية لها الط… - Image 1

Similar quotes

“التحرر من" ليس متطابقا مع الحرية الايجابية, "الحرية لـ " ان بزوغ الانسان من الطبيعة هو عملية طويلة مستخلصة, انه الى حد كبير يظل مقيدا بالعالم الذي منه ظهر, انه يظل جزءا من الطبيعة - التربة التي يعيش عليها, الشمس والقمر والنجوم, الشجر والازهار, الحيوانات, ومجموع الناس الذين يرتبط معهم بروابط الدم.والادباء البدائية شاهد على شعور الانسان بتوحده مع الطبيعة. فالطبيعة الحية وغير الحية جزء من عالمه الانساني, او كما يمكن للانسان ان يضع الامر, انه لا يزال جزءا من العالم الطبيعي.هذه الروابط الاولية تسد الطريق امام تطوره الانساني الكامل, انها تقف في طريق تطوير عقله وقدراته النقدية, انها لا تدعه يعرف نفسه والآخرين الا من خلال وسيط مشاركته او مشاركتهم في قبيلة او جماعة اجتماعية او دينية لا كبشر, بقول آخر, انها تقف عقبة في طريق تطوره كفرد حر محدد لذاته منتج. ولكن بالرغم من هذا الجانب, هناك جانب آخر. هذا التوحد مع الطبيعة والقبيلة والدين يعطي الفرد امانا. انه يمت الى, انه مغروس في كل مبنى يكون فيه مكان لا جدال فيه. انه قد يعاني من الجوع او القهر, لكنه لا يعاني من اسوأ الآلام, الوحدة الكاملة والشك الكامل.”


“فاذا حقق الفرد نفسه بالنشاط التلقائي ومن ثم تعلق بالعالم, فانه يكف عن ان يكون ذرة منعزلة, انه والعالم يصبحان جزءا من كل مبنى واحد, ان له مكانته الحقة ومن ثم يختفي شكه فيما يتعلق بنفسه ومعنى الحياة. هذا الشك ينبعث من انفصاله ومن انجراف الحياة, وعندما يتمكن من الحياة لا بطريقة تلقائية فان الشك يختفي. انه يدرك نفسه كفرد فعال وخلاق ويدرك ان هناك فحسب المعنى الوحيد للحياة: فعل الحياة نفسه.”


“ان شعور الانسان الحديث بالعزلة والعجز لا يزال يزداد من جراء الطابع الذي توجده جميع علاقاته الانسانية. لقد فقدت العلاقة العينية للفرد مع الآخر طابعها المباشر والانساني واصبح لهذا الطابع روح الاستغلال وتحويل كل شيء الى آلة. وفي جميع العلاقات الاجتماعية والشخصية نجد ان قوانين السوق هي القاعدة. ومن الواضح ان العلاقة بين المتنافسين يجب ان تقوم على عدم الاكتراث الانساني المتبادل والا فان اي واحد منهم سيصاب بشلل في تحقيق مهامه الاقتصادية - ومن هنا تأتي محاربة كل منهم للآخرين وعدم الامتناع عن التدمير الاقتصادي الفعلي لكل منهم اذا اقتضت الضرورة.”


“يقوم خضوع الفرد كوسيلة للغايات الاقتصادية على اساس خصائص متفردة لنمط الانتاج الرأسمالي, الذي يجعل تراكم رأس المال غرض وهدف النشاط الاقتصادي. ان الانسان يعمل من اجل الربح, لكن الربح الذي يحققه الفرد يتم لا لكي يجري انفاقه بل لكي يجري استثماره كرأس مال جديد, هذا الرأس مال المتزايد يحقق ارباحا جديدة تستثمر من جديد وهكذا في حلقة دائرية. لقد كان هناك بالطبع دائما رأسماليون ينفقون المال من اجل الترف او كـ "فشخرة", ولكن الممثلين الكلاسيكيين للرأسمالية يستمتعون بالعمل لا بالانفاق. هذا المبدأ الخاص بمراكمة رأس المال بدلا من استخدامه في الاستهلاك هو مقدمة الانجازات الهائلة لنظامنا الصناعي الحديث. لو لم يكن لدى الانسان نظرة التقشف الى العمل والرغبة في استثمار عمله بهدف تطوير القوى الانتاجية للنظام الاقتصادي, ما كان ليتم اطلاقا تقدمنا في السيطرة على الطبيعة, ان نمو قوى الانتاج هذا للمجتمع هو الذي سمح لاول مرة في التاريخ تصور مستقبل يكف فيه الصراع المتصل به من اجل اشباع الحاجات المادية. ومع هذا , بينما مبدأ العمل من اجل مراكمة رأس المال ذو قيمة هائلة موضوعيا لتقدم البشرية, فقد جعل الانسان - من الناحية السيكولوجية- يعمل من اجل اغراض تعلو النطاق الشخصي, جعلته خادما للآلة التي صنعها, ومن ثم قد اعطته شعورا باللاجدوى والعجز الشخصيين.”


“ان اطروحة هذا الكتاب هي ان الحرية لها معنيان بالنسبة للانسان الحديث: لقد تحرر من السلطات التقليدية واصبح "فردا", لكنه في الوقت نفسه اصبح منعزلا عاجزا وأداة للاغراض القائمة خارجه وانه اغترب عن نفسه وعن الآخرين. زيادة على ذلك, ان هذه الحالة تقوّض نفسه وتضعفه وترعبه, وتجعله مستعدا للخضوع لانواع جديدة من القيد. اما الحرية الايجابية من جهة اخرى فهي متطابقة مع التحقق الكامل لامكانيات الفرد مع قدرته على ان يحيا بشكل ايجابي وتلقائي. لقد وصلت الحرية الى نقطة حرجة عندها -وهي مدفوعة بمنطق ديناميتها- تهدد بالتغير الى نقيضها. ان مستقبل الديمقراطية انما يتوقف على تحقق النزعة الفردية التي ظلت الهدف الايديولوجي للفكر الحديث منذ عصر النهضة. ان الازمة الحضارية والسياسية في ايامنا هذه لا ترجع الى ان هناك افراطا في النزعة الفردية بل ترجع الى ان ما نعتقد انه نزعة فردية قد اصبح قوقعة فارغة.ان انتصار الحرية ليس ممكنا الا اذا تطورت الديمقراطية الى مجتمع فيه يكون نمو وسعادة الفرد هما هدف وغرض الحضارة, وفيه لا تحتاج الحياة الى تبرير للنجاح او اي شيء آخر, وفيه لا يكون الفرد تابعا ومُستغلا من جانب اية قوة خارجه سواء كانت الدولة او الجهاز الاقتصادي, واخيرا مجتمع لا تكون فيه المثل والضمير التبطّن للمطالب الخارجية, بل تكون حقا مثله وضميره "هو" وتعبر عن الاهداف النابعة من تفردية نفسه.وهذه الاهداف لم تتحقق تماما في اي فترة سابقة من التاريخ الحديث, وهي يجب ان تظل الى حد كبير الاهداف الايديولوجية, وذلك لان الاساس المادي لتطور النزعة الفردية الاصيلة ناقص. لقد خلقت الرأسمالية هذه المقدمة, وحلّت مشكلة الانتاج -من ناحية المبدأ على الأقل- ونحن نستطيع ان نتخيل مستقبلا للوفرة لا يعود فيه النضال من اجل الامتيازات الاقتصادية مدفوعا بالندرة الاقتصادية. ان المشكلة المواجهين بها اليوم هي مشكلة تنظيم القوى الاجتماعية والاقتصادية حتى يمكن للانسان -كعضو في مجتمع منظم- ان يصبح سيد تلك القوى ويكف عن ان يكون عبدا لها.”


“بالتطابق مع توقعات الآخرين, بالا يكون الانسان مختلفا, نخرس هذه الشكوك عن ذاتية الانسان ويتم الحصول على امان معين. وعلى اية حال يكون قد دفع الثمن غاليا. ان التنازل عن التلقائية والفردية يفضي الى انجراف الحياة ومن الناحية السيكولوجية ان الانسان الآلي بينما هو حي بيولوجيا هو ميت انفعاليا وذهنيا. بينما هو يقوم بحركات الحياة, فان الحياة تنساب من بين يديه كالرمال. ان الانسان الحديث وراء جبهة من الرضاء والتفاؤل غير سعيد في الاعماق, كحقيقة واقعة, انه على شفا اليأس. انه يتمسك يائسا بفكرة التفردية, انه يريد ان يكون "مختلفا" وليست لديه توصية اكثر من قوله:" ان الامر مختلف". ان الانسان الحديث تواق للحياة, ولكن لما كان انسانا آليا فانه لا يستطيع ان يعيش الحياة بمعنى النشاط التلقائي الذي يتخذه ويحله محل اي نوع من الاضطرابات او الاثارة: اثارة السكر والرياضة والمعايشة العنيفة لاضطرابات الاشخاص الخياليين على شاشة السينما.”