“تصل الخرافة إلى مرتبة تعطيل الفكر النقدي والتحليل الموضوعي للواقع واصطناع السببية المادية في التصدي له، مُشكّلة عقبة فعلية أمام التغيير وعاملاً قوياً في استفحال التخلف.”
“الذهن المتخلف يعاني من قصور الفكر النقدي, إنه متحيز بشكل تلقائي نظرا لتدخل العوامل الانفعالية والعاطفية في أوالية التفكير. وهو قطعي في تحيزه, فإما أن يكون مع أو ضد أمر ما. ويبدو قصور الفكر النقدي بالتالي من خلال العجز عن الجمع في سياق واحد بين الأوجه الموجبة والأوجه السالبة لمسألة ما, بين المميزات والعيوب. فقط هذا الجمع يسمح بتلطيف الأحكام, وزيادة قدرتها التمييزية, وبالتالي زيادة فعاليتها من خلال التقدير الفعلي لوزن ومدى الأوجه المختلفة للظاهرة.”
“إن الميل إلى الكسل والخمول الذي يشيع في أوساط الفئات الأكثر بؤساً وتأخراً في المجتمع المتخلف، يشكل عقبة أداء أمام مشاريع التنمية والتطوير الذاتي. فالقناعة راسخة عند هذه الفئات، بأن لا جدوى من الجهد الذي لا يمكن أن يعود خيره عليها، كما علمتها تجاربها خلال تاريخها الطويل من الاستغلال.”
“التخلف الاجتماعي هو في النهاية ثمرة الاستغلال والاستعباد”
“من المظاهر التي تلفت نظر الملاحظ ، السرعة الواضحة في تدهور الأداء العقلي والحوار المنطقي بين الناس في العالم المتخلف ، فالنقاش الذي يبدأ موضوعياً واقعياً لا يلبث أن يفجر انفعالات تؤدي إلى اضطرابه ويتحول الأمر من الحوار الهادئ ، من المنطق الذي يجابه الحجة بالحجة إلى صراخ ومهاترات ، كي ينزلق بسرعة إلى حوار الطرشان ، عند أول عقبة مادية أو مقاومة يبديها الشخص الآخر .”
“إذا صادف أن تحقق ما يراه الإنسان في الحلم ، وهو ما يعتبر دعامة التأويل الشعبي ، فقد يكون ذلك راجعاً لأحد سببين . أولهما وأهمهما أن الحلم ينذر عن قرب بروز دافع أو ميل مكبوت إلى حيز الوعي وسيطرته على السلوك وهكذا يندفع الإنسان ، دون أن يدري ، إلى تحقيق الأمنية الدفينة في نفسه والتي ظهرت بوادرها الأولى في الحلم . وقد يكون الحلم استباق تحقيق رغبة أو استعجال حصول أمر آت . وأما السبب الثاني والأقل أهمية فهو الترابط الشرطي بين الحلم والواقع . فالإنسان يميل إلى ربط ما يحدث له في الواقع بما يكون قد رآه من أحلام تحمل نفس الدلالة برابطة السببية معتبراً أن الحلم هو سبب الحدث الواقعي والحقيقة أن الأمر لا يعدو كونه مجرد ترابط سببي .”
“يخلق التماهي بالمعتدي ايديولوجية مضادة للتغيير الاجتماعي الجذري . تلكم هي إحدى أبرز مشكلات البلدان النامية وأكثرها خطورة . فالعديد منها تمكن من اجتياز مرحلة التحرر الوطني ، ولكن معظمها يتخبط أمام مهمات التغيير الاجتماعي الفعلي ويعاني من الفشل الذريع فيه ، مما يجعلنا نتابع الآن مشهداً بائساً على امتداد العالم الثالث . فقد اتّضح أن القدرة على التحرر الوطني ، لا تتضمن بالضرورة ولا تقود حتماً إلى عملية التغيير الاجتماعي المبتغاة . وليس هناك من مجال للدهشة بهذا الخصوص ، فالسبب ، أو أحد الأسباب الأساسية في نظرنا ، إذا ما وضعنا مصالح الفئة الحاكمة الجديدة جانباً ، يكمن في تغلغل التماهي بالمتسلط بمختلف صوره ودرجاته ، في نفوس معظم القادة ، وغالبية المسؤولين ، والقطاع الأوسع من الجمهور .”