“إن كثيرين من أبناء ذلك الجيل تربى في ظل المدارس المدنية التي أشرف الاستعمار على مناهجها وحدد أهدافها ووسائلها وصبَغها بالصبغة التي يريد، وكان أول أهدافها تجهيل المسلمين بإسلامهم، بل تشويه صورته في أذهانهم، فلا غرو إن جهل أكثر هؤلاء حقيقة الإسلام وشموله وتوازنه، فحسبوا الإسلام نصرانية أخرى: عقيدة بلا شريعة أو سلاما بلا جهاد أو دينا بلا دولة، بالمعنى الذي يفهمه الغربي المسيحي من كلمة دين.”
“إن العجب كل العجب أن يعيش الناس يلا مقاصد , أى بلا أرواح , فالفقه بلا مقاصد فقه بلا روح , و الفقيه بلا مقاصد فقيه بلا روح , إن لم نقل إنه ليس بفقيه . و المتدين بلا مقاصد متدين بلا روح , و الدعاة إلى الإسلام بلا مقاصد هم أصحاب دعوة بلا روح . فأنى نتفقه حقيقة , و نتدين حقيقة و ندعوا إلى الإسلام حقيقة.”
“إن الإسلام دين ومدنية. والمدنية الإسلامية أكثر تهذيبا من المدنية الأوروبية، والرابطة الإسلامية هي المدنية الإسلامية، وأساسها الشريعة الإسلامية. وأمتنا أمة ذات مدنية أصيلة، وليست الأمة الطفيلية التي ترقع لمدنيتها ثوبا من فضلات الأقمشة التي يلقيها الخياطون.”
“إن العقل الأوربي من أقرب العقول إلى الإسلام، وقد فقد ثقته فيما لديه من مواريث روحية أو مدنية، بيد أنه ليس مغفلا حتى يفتح أقطار نفسه لأناس يعرضون عليه باسم الاسلام قضايا اجتماعية أو سياسية منكرة!إن الأوربيين بذلوا دماء غزيرة حتى ظفروا بالحريات التي ظفروا بها، فهل يقبل أحدهم أن تعرض عليه عقيدة التوحيد مقرونة بنظام الحزب الواحد، ورفض المعارضات السياسية، ووضع قيود ثقيلة على مبدأ الشورى وسلطة الأمة؟؟ والمسلم الذي يعرض دينه بهذا اللون من الفكر، أهو داعية لدينه حقا؟ أم جاهل كبير يريد أن ينقل للناس أمراضا عافاهم الله منها؟إن هذا المتحدث الأحمق فتان عن الإسلام! ويشبه في الغباء من يعرض عقيدة التوحيد مقرونة بضرب النقاب على وجوه النساء! من يسمع منه؟ وكيف يريد فرض رأي من الاراء أو تقليد من التقاليد الشرقية باسم الإسلام؟ما أكثر القمامات الفكرية بين شبابنا!”
“إن المباديء والأفكار في ذاتها – بلا عقيدة دافعة – مجرد كلمات خاوية أو على الأكثر معان ميتة ! والذي يمنحها الحياة هي حرارة الإيمان المشعة من قلب إنسان ! لن يؤمن الآخرون بمبدأ أو فكرة تنبت في ذهن بارد لا في قلب مشع.”
“ اعلم: أن تعريف الدار أمرلا مختلف فيه بين من يرى أن دار الإسلام هي كل بقعة تكون فيها أحكام الإسلام ظاهرة، كما في " بدائع الصنائع".أو دار الإسلام: هي التي نزلها المسلمون، وجرت عليها أحكام الإسلام حسب تعريف ابن القيم ناسباً للجمهور.أقول: إن دار الإسلام: هي كل دولة أكثر سكانها من المسلمين، وحكامها مسلمون، حتى ولو كانوا لا يطبقون بعض الأحكام الشرعية.ودار غير المسلمين: هي كل دولة أكثر سكانها غير مسلمين، وحكامها غير مسلمين.والدار المركبة: تتمثل في الدول الفدرالية، فيها مسلمون وغير مسلمين، تحتفظ كل ولاية منها بسلطة سن القوانين؛ كما في نيجيريا..." صناعة الفتوى - 281”