“يقول العقاد "إن اتجاه التاريخ الإنسانى متقدم من الاجتماعية إلى الفردية، إذ الفردية هى عنوان الكرامة الإنسانية .. هى شعور الإنسان بقيمة فكره و إحساسه لا بفكر الجماعة و إحساسها! إن الحيوان لا بفكر بفكره و لا يحس بإحساسه .. إنما هو يفكر و يحس بغريزة الجماعة كلها و النوع كله .. و لن يرقي الحيوان إلى مرتبة الإنسان إلا إذا استقل فى تفكيره و إحساسه .. إن الوعى الجماعى فى الحيوان هو الذى جعل الحيوان حيواناً، و الفردية أى الحرية هى التى جعلت الإنسان إنساناً" ،،،”
“إن المعارك العالمية التي شهدنا معمعاتها مؤخرا هي في حقيقتها و جوهرها تلك التي كانت تدور بين الإنسان و الإنسان في عصور ما قبل التاريخ و لا فرق في الحقيقة و الجوهر بينها و بين المعارك التي تقوم بين الحيوان و الحيوان في سبيل حفظ الأنواع”
“إن فكرة الشر غير موجودة عند الحيوان .. إن أغلب الحيوان محب للسلام و الإخاء و الصفاء .. والقليل الذى يطلق عليه اسم "الضوارى" لم يعرف قط العدوان لمجرد الزهو بالعدوان .. الإنسان وحده من بين مخلوقات الأرض هو الذى يرى الإعتداء على أخيه الإنسان مايسميه " المجد و الفخار " !”
“إن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يروعه الفرق بين الأشياء كما هي و الأشياء كما يجب أن تكون.. هذا هو الإنسان.. فإذا كف الإنسان عن ملاحظة هذا الفرق.. إذا كف عن الحلم.. إذا تجاعي منه حلمه و ترك الواقع يغرس أعلامه في صحراء الروح.. فقد تحول الإنسان إلى مخلوق لطيف يهوهو بفمه و يهز ذيله و يترقص لسيده”
“((يقول شاعر اليابان أكاكورا :عرفت الإنسانية شعر الحب عندما عرفت حب الأزهار. إن اليوم الذى قدم فيه أول رجل باقة الزهر الأولى إلى محبوبته هو اليوم الذى ارتفع فيه الإنسان فوق مستوى الحيوان .. لأنه بارتفاعه عن حاجات الطبيعة المادية أصبح إنساناً .. و بإدراكه الفائدة المتسامية لما هو "غير مفيد مادياً" حلق فى سماوات "الفن" .. فى الأفراح و فى الأحزان، الأزهار هى لنا الصديق الأمين، فنحن نحب و نحن نتزوج و هى معنا .. و نحن نمرض فى فراشنا و هى معنا .. بل نحن نموت و هى معنا .. و حتى عندما نرقد فى التراب فهى تأتى لتبكى بقطرات نداها فوق قبورنا .. كيف نستطيع العيش بغيرها؟ أهناك أقسى من تصور العالم "كأرمل" يحيا بدونها؟ .. لكن مهما يكن ذلك مؤللماً فإن من العبث أن نخفى عن أنفسنا الواقع : نحن، برغم دنونا من الأزهار فإننا لم نرتفع كثيراً فوق مستوى الحيوان .. فما من حقيقة راسخة فى كياننا دائماً غير "الجوع" .. ما من شئ مهم عندنا مثل شهواتنا .. إلهنا عظيم. و لكن نبيه فى نظر أغلبنا هو "الذهب" .. من أجله فى سبيل قرابينه ندمر الطبيعة برمتها .. نحن نفخر بأننا أخضعنا "المادة" .. لكننا ننسي أن المادة هى التى أخضعتنا .. حدثينى أيتها الأزهار اللطيفة .. يا دموع النجوم! .. أتعرفين ما ينتظرك غداً من مصير رهيب ؟! )) ...و لم أبحث أنا عن تاريخ القصيدة .. و قد نسيت الآن فى أى كتاب قرأتها؟ .. فإن اتضح أنها كانت قبل قنبلة "هيروشيما" .. فإن الشعر فى اليابان إذن كان قد تنبأ بهذا المصير ...”
“ولن يكون التدين - من حيث هو حركة النفس و المجتمع- جميلاً إلا إذا جَمُلَ باطنه و ظاهره على السواء، إذ لا انفصام ولا قطيعة فى الإسلام بين شكل و مضمون، بل هما معاً يتكاملان، و إنما الجمالية الدينية فى الحقيقة هى: (الإيمان) الذى يسكن نوره القلب، و يغمره كما يغمر الماء العذب الكأس البلورية، حتى إذا وصل إلى درجة الامتلاء فاض على الجوراح بالنور، فتجمل الأفعال و التصرفات التى هى فعل (الإسلام)، ثم تترقى هذه فى مراتب التجمل، حتى إذا وصلت درجة من الحُسن - بحيث صار معها القلب شفافاً، يُشاهد منازل الشوق و المحبة فى سيره إلى الله- كان ذلك هو (الإحسان) .و الإحسان هو عنوان الجمال فى الدين، و هو الذى عرفه المصطفى بقوله -صلى الله عليه و آله و سلم- "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”