“إن سعة المعرفة ذريعة إلى سعة الثروة، وإن الخبرة بالدنيا أقصر طريق لخدمة الدين! والمرء قد يمرض فيأسى على الصحة ويبحث عنها، ويعرف قيمة العافية ويحرص عليها، وقد تلحق به أزمة فيمد يده مقترضا أو سائلا، شاعرا بذل الحاجة، ضائقا بأيام الفقر. أما أن يتحول المرض والفقر إلى دين فذاك تفكير المجانين. وما أكثر الذين جنوا عندنا ثم زعموا- بعد فقدان العقل- أن الدين يكره المال، ويحب المسكنة، ويرتضى لأتباعه التخلف المدنى والعسكرى ، أو الهوان الممادى والأدبى، وأن يعيش المسلمون أذنابا، وأن يعيش غيرهم أربابا! ولعنة الله على العجز والكسل.”
“أعرف حقا أن الظروف المحبطة المحيطة، والنماذج السيئة تصد عن سبيل الله، وأن الفهم (المؤدلج) ضيق سعة الدين”
“العلم عندنا يستحيل أن يخاصم الدين أو يخاصمه الدين، وقضية النزاع الموهوم بين العلم والدين لاصلة لها بالدين الصحيح، قد يقع النزاع بين العلم وبين البوذية أو البرهمية أو عقائد اقتبست منهما، أو متدينين انتسبوا إلى الله وأبو السير على طريقه المرسوم، فغضب عليهم لماكذبوا عليه.. أما العقل السليم فهو الأداة الوحيدة لفهم الوحى، والكون على سواء.. ومن ثم فما دمت مستقيما مع عقلى، فأنا متشبث بدينى، سائرعلى الفطرة، بعيد عن الانحراف!”
“إن كانت الخطيئة خروجاً عن حدود الله فلله وحده أن يعاقب عليها ، وليس لخاطيء أن يقتل خاطئاً مثله وإن اختلفت درجات الخطيئة ، إنما يكون ذلك للمعصومين من الخطيئة ولهم وحدهم أن يحكموا على الناس . و من منا يدعى لنفسه العصمة؟! ، ومن يفعل ذلك فإنه يُعد معتديا على حق الله إذ يبيح لنفسه أن يعاقب على ذنوب علمها عند الله وحده وهو مرتكب لكثير منها ! إنما يجب على الإنسان أن يترك عباد الله له سبحانه وتعالى يعاقبهم على الذنوب بقدرته وعلمه الواسع ، فهو على ذلك قادر دون حاجة إلى أي فرد منا لتنفيذإرادته .والناس يخلطون بين ما هو مخالف للدين وما هو مخالف للنظام .أما ما يخالف الدين فأمر الجزاء فيه إلى الله ، وأما ما يخالف النظام فأمر العقاب فيه إلى الناس ،على أن يكون العقاب باسم النظام لا باسم الدين .و الذين يدعمون النظام بالدين يخطئون في حق الدين فإن النظام من عمل الإنسان وهو ناقص ومؤقت وخاضع للتطور ،ولا يجوز ذلك على الدين . ثم إن النواهي الاجتماعية يجب أن تظل عملا إنسانيا خالصا يحميه الإنسان وليس من العدل أن نستتر وراء الدين لحماية النظام كما يفعل أكثر الذين يقسون في عقاب الخاطئين وما بهم من غضب للدين و لكنه حماية لنظام كله من عمل الإنسان ، وقد يكون خطأ أو صوابا .”
“أن تعبد الله مخلصاً له الدين, وهي المتلازمة الثلاثية التي تفسر معنى الإخلاص ومن ثم معنى النية, لا في الصلاة فقط, ولكن في الحياة كلها, أن تعبده مخلصاً له الدين, يعني أن رؤيتك للحياة تتطابق- أو تحاول أن تتطابق- مع سلوكك وعملك فيهما, وأن الدين لا يسكن على رفوف الكتب أو في رأسك فقط, بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما تفعله, وما تنتجه .. في أن تؤدي ما خلقت من أجله, على هذه الأرض ..”
“وما نزعم أن كل منتم إلى الدين يحرز ما يراد له من أنصبة الكمال، وإنما نؤكد أن الدين يستهدف الكمال النفسى لأتباعه قاطبة، وأنه كالمستشفى يقبل كل بشر، ويتولى علاجه بشتى الأدوية حتى يبرأ من علله، وتتم له الصحة الروحية المنشودة.والناس يتفاوتون فى حظوظهم من العافية يزودهم بها الدين بيد أن من رفض هذا العلاج الحتم، وأبى إلا البقاء بأدوائه طرد، وسدت فى وجهه أبواب الوصول إلى الله.”