“العقل الذي لا يتصور أن الحياة البشرية قادرة على صنع الحضارات، بلا استناد إلى طريقة العيش الغربية واعتناق مبادئ الحضارة الغربية عقل قد أسقط من حسابه أن الحضارات، قامت وبادت, من قبل أن تكون الحضارة الغربية وأصولها جميعا على ظهر الأرض, وأن هذه الحضارات إذا بادت واستؤصلت، فالإنسان أيا كان بعد ذلك, قادر على أن يبني حضارة جديدة تناقض هذه الحضارة الغربية في طريقة العيش، وفي المبادئ التي يدعيها”
“وبيّن مما حاولت الإبانة عنه:أن علاج صورة الكاتب أمر موضوعي، لا شخصي، ولا ذاتي، وأنه ليس بتجريح للكاتب، إذا كانت الصفات التي يستحقها من نفس كلامه، من نفسه منطقه، من نفس تفكيره، من نفس ضميره، من نفس هدفه. وكل لفظ يتضمن صفة من صفاته، لا يمكن أن يعد تجريحا إذا كان مأتاه من تحليل الكلام والأهداف، مهما بلغت هذه الصفات من القسوة، أو الغرابة، أو الاستنكار. بل الأمر المستنكر كل الاستنكار على الناقد، والأمر القادح فيه وفي نقده، أن يخون الأمانة، حين يجد كاتبا مختل التفكير، بيّن الضغينة، بذئ النفس، قبيح الأغراض، سيئ الأدب، ويجده يستخدم ذلك كله في كتابته، ليبلغ إلى هدف سيئ معيب، فيدع ذلك مستورا، ويتناول كلامه مجردًا، وينقده نقدا موضوعيا. بل أقول أكبر من ذلك: إن الناقد إذا فعل ذلك كان أضر على الناس وعلى عقولهم، من الكاتب نفسه، لأنه يظهر هذا التالف الوقح بمظهر من خلا من كل قادح في تكوين ما يكتبه، وهو أشد خيانة للأمانة، وأبعد إيلاما في الغش واللؤم وخسة الطباع، وهو فوق ذلك مدلّس سخيف التدليس”
“أرى اللجوء إلى الرمز ضربا من الجبن اللغوي!! فاللغة إذا اتسمت بسمة الجبن، كثر فيها الرمز وقل فيها الإقدام على التعبير الصحيح الواضح المفصح. ولا تقل إن الكناية شبيهة بالرمز، فهذا باطل من قبل الدراسة الصحيحة لطبيعة الرمز وطبيعة الكناية والمجاز. وأنا أستنكف من الرمز في العربية، لأن للعربية شجاعة صادقة في تعبيرها، وفي اشتقاقها وفي تكوين أحرفها، ليست للغة أخرى”
“مَعَ الشَّمْسِ عَامَيْنِ.. حَتَّى َتِجفَّ وَتَشْرَبَ مَاءَ لِحَاءِ خَضلْـ وَفِي البُؤسِ عَامَيْنِ... يَحْيَى لَهَا، وَيُحْييه منها: الغنَى وَالأَمَلْ ـ تَردَّدَ عَامَيْنِ... مِنْ كَهْفِهِ إلَى مَهْدِهَا، عِنْدَ سَفْحِ الجَبَلْ ـ يُغَنِّي لَهَا، وَهُوَ بَادِي الشَّقاءِ، بَادِي البَذاذةِ ، حَتَّى هُزِلْ ـ يُقلبها بِيَديْ مُشْفِقٍ لَهِيف ، لطِيف، رَفِيق، وَجِلْ ـ يُعَرِّضَها لِلَهيبِ الهَجِيِر، رَؤُوفاً بِهَا، عَاكِفاً لا يَمَلْ ـ فَلَمَّا تَمَحَّصَ عَنْهَا النَّعِيمُ، وَاْشْتَدَّ أُمْلُودُهَا، وَاْنْفَتَلْ ـ عَصَتْهُ، وَسَاءتْهُ أَخْلاَقُهَا نُشُوزا .. فَلَمَّا اْلتَوَتْ كَالمُدلْ ـ أَعَدَّ الثِّقَافَ لَهَا عاشِقٌ يُؤدِّبُها أَدَبَ المُمْتَثِلْ”
“إن كل حضارة بالغة تفقد دقة التذوق، تفقد معها أسباب بقائها، والتذوق ليس قوامًا للأدب والفنون وحدها، بل هو أيضًا قوام لكل علم وصناعة، على اختلاف بابات ذلك كله وتباين أنواعه وضروبه. وكل حضارة نامية تريد أن تفرض وجودها، وتبلغ تمام تكوينها،إذا لم تستقل بتذوق حسّاس حادّ نافذ،تختص به وتنفرد، لم يكن لإرادتها في فرض وجودها معنًى يعقل، بل تكاد تكون هذه الإرادة ضربًا من التوهم والأحلام لا خير فيه”
“تلفَّت يُصغي..، ومثل اللهيب ضوضاءُ وعوعةٍ في زَجَلْفهذا يؤجُّ..، وهذا يَعِجُّ..، وهذا يخورُ..، وهذا صهلْ !ودانٍ يُسِرُّ..، وداعٍ يحُثُّ..، وكفٍّ تُربِّتُ: بِعْ يا رجلْ !لقد باع! بعْ! باعَ! لا لم يبعْ! غِنى المال! ويحك! بعْ يا رجلْ ![وحشرجة الموت: خذْني إليك!!......................................... - لبيكِ! لبيكِ!] بعْ يا رجلْ ![أغثني! أجل!]................... باع! ماذا؟! نعم باع!! قد باع! حقًّا فعلْ ؟![أغثني! أغثني! نعم!]............................. قد ربحتَ!! بورك مالك!........................................................... أين الرجلْ ؟!مضى! أين! لا، لست أدري! متى؟ لقد بعتَ؟! كلا وكلا.. أجلْ !لقد بعتَ! قد بعتَ!....................... كلا! كذبت!...................................... لقد بعت! قد باع!............................................................. ويحي! أجلْ !لقد بعتُها.. بعتُها.. بعتُها.. جُزيتم بخير جزاء، أجلْ !أجل. بعتُها.. بعتُها.. بعتُها!! أجل بعتُها! لا. أجل لا. أجلْ !”