“بعض أسباب رسوخ و حصانة السلبية تعود إلى ارتكازها على مفاهيم تنسب زورا و ظلما إلى الدين أو إلى نصوص دينية مجتزأة من سياقها أو إلى مواقف لعلماء دين كانت مجرد ردود أفعال في سياقها التاريخي و هكذا فإن ذلك كله يتداخل مع أمثال شعبية و أقوال مأثورة و أنماط سلوك شائعة قديمة تجعل كل ما سبق يمتلك حصانة و قداسة لا مبرر لها دينيا بل و كل ما في الإسلام هو ضد هذه السلبية .”
“(فاعبده و اصطبر لعبادته).. اعبده و اصطبر على تكاليف العبادة. و هي تكاليف الارتقاء إلى أفق المثول بين يدي المعبود، و الثبات في هذا المرتقى العالي. اعبده و احشد نفسك و عبئ طاقتك للقاء و التلقي في ذلك الأفق العلوي.. إنها مشقة. مشقة التجمع والاحتشاد و التجرد من كل شاغل، و من كل هاتف و من كل التفات.. و إنها مع المشقة للذة لا يعرفها إلا من ذاق. و لكنها لا تنال إلا بتلك المشقة، و إلا بالتجرد لها، و الاستغراق فيها، و التحفز لها بكل جارحة و خالجة. فهي لا تفشي سرها و لا تمنح عطرها إلا لمن يتجرد لها، و يفتح منافذ حسه و قلبه جميعاً.)فاعبده و اصطبر لعبادته).. و العبادة في الإسلام ليست مجرد الشعائر. إنما هي كل نشاط: كل حركة. كل خالجة. كل نية. كل اتجاه. و إنها لمشقة أن يتجه الإنسان في هذا كله إلى الله وحده دون سواه. مشقة تحتاج إلى الاصطبار. ليتوجه القلب في كل نشاط من نشاط الأرض إلى السماء. خالصاً من أوشاب الأرض و أوهاق الضرورات، و شهوات النفس، و مواضعات الحياة.إنه منهج حياة كامل، يعيش الإنسان وفقه، و هو يستشعر في كل صغيرة و كبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله؛ فيرتفع في نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهر الوضيء. و إنه لمنهج يحتاج إلى الصبر و الجهد و المعاناة.”
“إن الإيمان الصحيح متى استقر في القلب ظهرت آثاره في السلوك. و الإسلام عقيدة متحركة, لا تطيق السلبية. فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك لتحقق مدلولها في الخارج؛ و لتترجم نفسها إلى حركة و إلى عمل في عالم الواقع. و منهج الإسلام الواضح في التربية يقوم على أساس تحويل الشعور الباطن بالعقيدة و آدابها إلى حركة سلوكية واقعية؛ و تحويل هذه الحركة إلى عادة ثابتة أو قانون.”
“لا تكون رحلة النضوج هذه سهلة أبدا , بل إنها تشبه أحيانا احتراقا داخليا, ألم عظيم و مشقة ليست أثل من ألم و مشقة و معاناة الولادة,و ليست أقل قداسة في الوقت نفسه, فتغيير الذات مخاض عسير و صامت , الصراخ معه لا يجدي كما قد ينفع مع آلام المخاض الاعتيادي , بل هو يحتاج إلى صبر دؤوب و اصطبار حقيقي و متابعة لهذا الصير و ذلك الاصطبار ... و ينتج من ذلك كله معاناة حقيقية هي في جوهرها احتراق حقيقي , وصولا إلى النضوج ..إلى التغيير”
“"الهرب هو نوع من ((الخروج)) أو الانطلاق إلى أى مكان آخر .. فساكن المدينه يهرب إلى الريف , و ساكن الريف يهرب الى المدينه , و الجميع يهربون إلى البحر ... و يهربون من الحاضر إلى الماضى و إلى المستقبل .. و من الأرض إلى الكواكب أخرى ... و من الواقع إلى الخيال ... و من قوانين العلم إلى تهاويل الفن .. و من العقل إلى الذوق .. و من كل شئ إلى السحر و السر و الدين .. إلى الأدب و الموسيقى و الفن و الفلسفه ..”
“و احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب و آلاف الليالي من الخلوة و التأمل و الحوار مع النفس و إعادة النظر قم إعادة النظر في إعادة النظر .. ثم تقليب الفكر على كل وجه لأقطع فيه الطريق الشائكة من الله و الإنسان إلى لغز الحياة إلى لغز الموت إلى ما أكتب من كلمات على درب اليقين .”