“فأما الساعة فهي الموعد المرتقب للجزاء الكامل العادل، الذي تتوجه إليه النفوس فتحسب حسابه؛ و تسير في الطريق و هي تراقب و تحاسب و تخشى الانزلاق.. و الله سبحانه يؤكد مجيئها: (إن الساعة آتية) و أنه يكاد يخفيها. فعلم الناس بها قليل لا يتجاوز ما يطلعهم عليه من أمرها بقدر ما يحقق حكمته من معرفتهم و من جهلهم.. و المجهول عنصر أساسي في حياة البشر و في تكوينهم النفسي. فلا بد من مجهول في حياتهم يتطلعون إليه. و لو كان كل شيء مكشوفا لهم - و هم بهذه الفطرة - لوقف نشاطهم و أسنت حياتهم. فوراء المجهول يجرون. فيحذرون و يأملون، و يجربون و يتعلمون. و يكشفون المخبوء من طاقاتهم و طاقات الكون من حولهم؛ و يرون آيات الله في أنفسهم و في الآفاق؛ و يبدعون في الأرض بما شاء لهم الله أن يبدعوا.. و تعليق قلوبهم و مشاعرهم بالساعة المجهولة الموعد، يحفظهم من الشرود، فهم لا يدرون متى تأتي الساعة، فهم من موعدها على حذر دائم و على استعداد دائم. ”