“مع تدهور وضع الثقافة الاسلامية كثقافة سلطة منذ بداية العصر الحديث بسبب نشوء الثقافة الغربية الحديثة والقيم الجديدة الكونية والادارية التي اتت بها وتبنتها النخبة الاجتماعية الحالية, بدأت الثقافات الدنيا التي بقيت خاضعة للثقافة العليا الاسلامية بالانبعاث. ومنها الثقافات الاقوامية القديمة العربية والفارسية والمصرية والكردية الى غير ذلك من الثقافات التي بقيت متمفصلة مع الثقافة العليا الاسلامية.”
“فمع الزمن وتطور البنيات الحديثة للجماعات الاسلامية برزت اكثر فاكثر الخصائص القومية في الاقاليم الاسلامية واصبحت عاملا اساسيا مكونا للشخصية وللوعي المحلي. كما زاد تأثير الدهرية نفوذا لدى الطبقات العليا والوسطى مع تناقص فاعلية الاعتقادات الدينية وتأثيرها على مجرى الحياة اليومية والانتاج. ونتجت عن ذلك هوة بين الانتماء الديني والانتماء الجنسي. وهناك الكثير من المسلمين الذين لا يتعرفون على انفسهم في الثقافة الاسلامية اليوم الا بشكل سطحي.وهذا نتيجة توسع انتشار الثقافة الغربية الحديثة وبسبب السياسة الثقافية التي بدأت تمارسها الدولة الاسلامية والعربية منذ القرن التاسع عشر.”
“للثقافة العليا وظيفة اساسية هي تحقيق شرعية السلطة. وهذه الشرعية تستند الى الاجماع الذي يشرطه الانخراط الطوعي للاغلبية في لائحة قيم مشتركة. وهذا الاجماع ضروري لبروز سلطة اغلبية. فاذا فقدت الثقافة العليا الشمولية والقومية التي تتجاوز التمايزات الثقافية, فقد الاجماع ولم يبق للسلطة اي اساس تقوم عليه الا بميزان القوى والغلبة. وفقد التطابق من ثم بين الثقافة والسلطة وفقدت الطبقة السائدة او النخبة السائدة وحدتها.”
“في الوقت نفسه الذي كانت تتمسك في الجماعات الاسلامية بالدين للدفاع عن نفسها وتعبئة صفوفها ضد التسلط الاجنبي كان يدخل في الوعي الاسلامي شيئا فشيئا, وتحت تأثير الهزائم المتواصلة, الشعور بالضعف والعجز وعدم الثقة بالذات. وشعور المستضعفين هذا على الساحة الدولية يعادل شعور المستضعفين من الاقليات على الساحة المحلية. ويزيد من هذا الشعور تعقيدا ذكريات الامجاد الاسلامية التليدة التي كانت ترجع دائما في الثقافة الاسلامية الى التمسك بالدين وبالعودة الى النص القرآني لرأب الصدع وتحقيق الوحدة والاستقرار.”
“لو بدأ كل الناس حياتهم فى الطفولة بطريقة واحدة فإنهم سرعان ما يختلفون فيما بعد عن بعضهم البعض بسبب اختلاف التجارب التى تمر بهم و اختلاف الثقافات التى يستوعبونها و اختلاف أنصبتهم من العلم و المعرفة و الثقافة ،،،”
“بالطبع لا يخطر ببال أحد منهم أن يستاءل عن مدي انتشار اللواط في البلاد التي تحمل لواء ذلك النوع الخاص من الدعوة الاسلامية أو عن مدي شيوع الانحرافات الجنسية والاخلاقية في صميم البلاد التي تزعم تطبيق الشريعة الاسلامية وانما يكفي أن توجد هذه الظواهر في المجتمعات الغربية الديمقراطية لكي يكون ذلك في نظرهم مبررا حاسماً لرفض ما تم انجازه في هذه المجتمعات ولرفض مبدأ الديمقراطية من أساسه”