“سعة الصدر وضيقه ... ليست ظاهرة مقصورة على المرأة وحدها ... ولكنها ظاهرة شاملة تلاحظ في حياة كل شعب، تبعا لدرجة عراقته في الحرية والحضارة والقوة؛ فالشعوب الحرة القوية هي في الغالب أوسع الشعوب صدرا وعقلا ... إن مسألة الزي الأوربي مثلا، أو لباس الرأس لم تصادف، لم تصادف في اليابان أي صعوبة أو إشكال... وعلى الرغم من التقاليد اليابانية القديمة، والوطنية اليابانية العريقة؛ لم نسمع يابانيا ذكر كلمة "القومية" أو "الوطنية" وهو يرتدي الزي الأوربي، لأنه لم يخطر قط بباله وهو يلبس "القبعة" أنه سيخلع "قوميته" ... أما الشعوب الضعيفة فتتوهم دائما أن حريتها أو قوميتها أو عقيدتها ستخلع منها وتذهب عنها بلفظ أو بكلمة أو برداء؛ فهي تنفعل وترتعد وترتاع لمجرد المظاهر والألفاظ والكلمات”
“فالفنان أو الأديب يبتكر وهو يريد أن يقلد...والفنان الذي لم يستقبل شخصيته بعد، يقلد وهو يريد أن يبتكر”
“أي فن من الفنون يجب أن يحمل معه فكر. سواء كان الفكر أو الرسالة فلسفية أو اجتماعية أو عقائدية، دون أن يتخذ ذلك نبرة عالية زاعقة مباشرة يظهر الفن فيها بمظهر الوسيلة الثانوية. الفن متعة قبل كل شيء. إن لم تستطع إمتاعي فلن تستطيع إقناعي”
“إن الانسان ليفسر تصرفات الناس أحياناًويضخمها أو يصغرها وفقاً لعلاقتها بمشاعره وأهوائه ، أما هي في ذاتها فليست ضخمة ولا ضئيلة ، ولكنها مناسبة مع منطق الظروف مجردة من أي إعتبار”
“إن الإسلام صالح لكل زمان و مكان لأنه يستطيع أن يتحرك دائماً في الزمان و المكان و لا زال حتي اليوم يتحرك إلي الأمام في الزمان و المكان إذا لم يقف في وجه حركته بعض الجهلة أو بعض الناقلين المقلدين …”
“ما من زوجة منذ القدم لم تقل لزوجها هذه العبارة : " لقد تغيرت كنت تحبني فيما مضى أكثر من الآن !" والحقيقة أن الزوج لم يتغير ولكن لون الحب هو الذي تغير دون أن يؤثرذلك في بنائه ، كما يتغير لون العمارة الجديدةمن الزمن دون أن تفقد حجراً ولا يزدها لون القدم إلا إشعاراً بجلال الرسوخ ..تستطيع الزوجة أن تشعر بحب زوجها من كلمة أوإشارة أو إيماءة أو من مجرد نظرة جزع يلقيها عليها إذا شحب وجهها ذات صباح أو اصيبت ببرد خفيف”
“لا تظن أن هذه الآلاف من السنين، التي هي ماضي "مصر" قد انطوت كالحلم ولم تترك أثراً في هؤلاء الأحفاد ... أين إذن قانون الوراثة الذي يصدق حتي علي الجماد؟... ولئن كانت الأرض والجبال إن هي إلا وراثة طبقة عن طبقة؛ فلماذا لا يكون ذلك في الشعوب القديمة التي لم تتحرك من أرضها، ولم يتغير شىء من جوها أو طبيعتها !... نعم ... أوروبا سبقت مصر اليوم، ولكن بماذا؟... بذلك العلم المكتسب فقط، الذي كانت تعتبره الشعوب القديمة عرضاً لا جوهراً ودلالة سطحية علي كنز دفين، لا أنه هو في ذاته كل شىء !...إن كل ما فعلناه -نحن الأوربيين الحديثي النشأة- أن سرقنا من تلك الشعوب القديمة هذا الرمز السطحي، دون الكنز الدفين؛ لذلك جىء بأوروبي وافتح قلبه تجده خالياً خاوياً ! الأوروبي إنما يعيش بما يلقن ويعلم في صغره وحياته؛ لأنه ليس له تراث ولا ماض يسعفه بغير أن يعلم !... احرم الأوروبي من المدرسة يصبح أجهل من الجهل !.. قوة أوروبا الوحيدة هي في العقل !... تلك الآلة المحدودة التي يجب أن نملأها نحن بإرادتنا .. أما قوة مصر ففي القلب الذي لا قاع له... ولهذا كان المصريون القدماء لا يملكون في لغتهم القديمة لفظة يميزون بها بين العقل والقلب ... العقل والقلب عندهم كان يعبر عنهما بكلمة واحدة هي :القلب !...”