“قال الأصمعي دخلت البادية فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجها تحت رجل من أقبح الناس وجها فقلت لها يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله فقالت يا هذا اسكت فقد أسأت في قولك لعله أحسن فيما بينه وبين خالقه فجعلني ثوابه أو لعلي أسأت فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي أفلا أرضى بما رضي الله لي فأسكتتني" قلت : ليت الأصمعي رجاها أن تلقي هذا الدرس في إحدى مدارس البنات بمصر”
“في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة، على رسول الله، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك فقال: "اللهم هالة!" فغرت فقلت: "ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر أبدلك الله خيرا منها؟" فتغير وجهه عليه الصلاة والسلام وزجر عائشة غاضبا: "والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بما لها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء" ... قلت يا رسول الله اعف عني، ولا تسمعني اذكر خديجة بعد هذا اليوم بشيء تكرهه"_”
“فليكن رابطك مع الناس شعرة معاوية .. فقد سئل معاوية رضى الله عنه : كيف استطعت أن تحكم الناس أميراً عشرين سنة ثم تحكمهم خليفة عشرين سنة ؟فقال : جعلت بيني وبينهم شعرةأحد طرفيها في يدي والآخر في أيديهم .. فإذا شدوها من جهتهم أرخيت من جهتي حتى لا تنقطع .. وإذا أرخوا من جهتهم شددت من جهتي .. صدق رضي الله عنه .. ما أحكمه !!”
“روي عبد الله بن محمد البلوي قال: كنت انا وعمر بن نباتة جلوسا نتذاكر العباد والزهاد فقال لي عمر : ما رأيت أورع ولا أفصح من محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: خرجت أنا وهو والحارث بن لبيد إلي الصفا وكان الحارث تلميذ الصالح المري فافتتح يقرأ وكان حسن الصوت، فقرأ هذه الآية عليه (هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ*وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) فرأيت الشافعي رحمه الله وقد تغير لونه واقشعر جلده واضطرب اضطرابا شديدا وخر مغشيا عليه فلما أفاق جعل يقول: أعوذ بك من مقام الكاذبين وإعراض الغافلين، اللهم لك خضعت قلوب العارفين وذلت لك رقاب المشتاقين، إلهي هب لي جودك وجللني بسترك واعف عن تقصيري بكرم وجهك. قال: ثم مشي وانصرفنا فلما دخلت بغداد وكان هو بالعراق فقعدت علي الشط أتوضأ للصلاة إذ مر بي رجل فقال لي: يا غلام أحسن وضوءك أحسن الله إليك في الدنيا والآخرة، فالتفت فإذا برجل يتبعه جماعة، فأسرعت في وضوئي وجعلت أقفو أثره، فالتفت إلي فقال: هل لك من حاجة؟ فقلت: نعم، تعلمني مما علمك الله شيئا، فقال لي اعلم أن من صدق الله نجا، ومن أشفق علي دينه سلم من الردي، ومن زهد في الدنيا قرت عيناه مما يراه من ثواب الله تعالي غدا، أفلا أزيدك؟ قلت: نعم. قال: من كان فيه ثلاث خصال فقد استكمل الإيمان: من امر بالمعروف وائتمر ونهي علي المنكر وانتهي، وحافظ علي حدود الله تعالي، ألا أزيدك؟ قلت: بلي، فقال: كن في الدنيا زاهدا وفي الآخرة راغبا واصدق الله تعالي في جميع أمورك تنج مع الناجين، ثم مضي، فسألت: من هذا؟ فقالوا: هو الشافعي. فانظر إلي سقوطه مغشيا عليه ثم إلي وعظه كيف يدل علي زهده وغاية خوفه! ولا يحصل هذا الخوف والزهد إلا بمعرفة الله عز وجل.”
“يا خالقي في هذه الساعاتِ من عَدَمٍ تَجَلَّ!لعلَّ لي حُلُماً لأَعْبدَهُلَعَلَّ!”
“قلت: يا أخي ان الأمر لا يستدعي هذا التفاقم والتضاخم،. فان الإنسان بهمّته يقلع الجبال،. فاصرف همتك على الانشغال بنفسك، والقيام بما هو تكليف عليك، ولا تفكر فيما يجري حولك، ومن يُجريه، وخلص نفسك من هذه الهموم الزائدة..، ولا تهتم بأقوال الناس، وأد ما استطعت عليه من واجب، وتوكل على الله وحده.”