“ولم يكد المركب يرفع مراسيه، حتى سمعنا عويل امرأة، فقد لاحظت أن أحد أطفالها الأربعة لم يكن على المركب، وراح تطلب العودة إلى المرفأ للبحث عنه. إلا أنه كان من الصعب علينا، ونحن نتعرض لنيران المدافع اليهودية الغزيرة أن نعود أدراجنا فنعرض للخطر حياة ما بين مائتين وثلاثمائة شخص بينهم العديد من الأطفال المتراكمين في المركب. ولقد ذهبت توسلات تلك المرأة الباسلة سدى فانهارت باكية، وكنا بضعة أشخاص نحاول تهدئتها مؤكدين لها أنه سيتم إيواء ابنها الصغير بالتأكيد ثم يرسلونه في وقت لاحق إلى غزة. ولكن عبثا، إذ راح قنوطها يتزايد برغم مقالاتنا، وبرغم تطمينات زوجها. ثم إذا بأعصابها تخور فجأة: فتتخطى درابزين المركب وتلقي بنفسها في البحر. وأما زوجها الذي لم يفلح في الإمساك بها، فقد غاطس بدوره، ولم يكن أي منهما يحسن العوم فابتلعتهما الأمواج الهائجة أمام نواظرنا، وأما المسافرون الذين أخذهم الروح فكانوا كمن ضربه الشلل.”
“الفرق بين السافل العادي والسافل المركب أن الأول يبذل كل جهده لكي لا يعرف أحد أنه سافل ، في حين أن الثاني لا تتم متعته إلا إذا عرف الجميع أنه كذلك !”
“لأننا اليوم تعودنا أن نفترض ان الوقت هو بعد في الفضاء وأن الفضاء هو بعد في الوقت. كما ان هذا الافتراض ايضا يتيح التأمل والتفكر في أنه قبل أن يتشكل الكون لم يكن هناك أي فضاء (وبالتالي لم يكن هناك وقت ايضا،) ولم يكن هناك وقت (وبالتالي فلم يكن هناك فضاء)”
“لئن كان يعد ما يعهد عادة اليه - بالاقياس إلى غيره من الأدوار الثانوية إلا أنه كان يقوم بع بدقة و عناية و غبطة كأنما هو أسعد ما يحظى به في حياته غير أنه لم يكن يخلو في جهاده من تعاسة خفيفة لم يعلم بها أحد سواه, منشؤها ما اقتنع به من أنه دون الكثيرين من أقرانه جرأة و إقداماً..”
“فماذا يمكن أن يحدث لنا؟ تنقلب المركب فيأكلنا السمك؟ أكلناه كثيرا فلماذا لا يأكلنا مرة من نِفسه؟ وماذا لو تحولتُ من آكل للبروتين إلى جزيء بروتين في خلية سمكة؟ ما الفرق فيالنهاية بين أن أعيش في خلية أو في الغلاف الجوي لكوكب؟”
“أطالت القراءة، وأطلت السفر في عالم هي شمسه..لم يكن هناك مايقلقني ما دامت بين عيني، ولم يكن يأخذني من الغيبوبة بها سوى كلماتها...لم يتداعى قلبي حتى الآن إلا أمامها ولا أدري ما حيلتي أمام هذا النعيم المحاط بالنعيم..تمنيت لو تطول وتماطل وليطول وقوفي..كان صمتها يستدعي المزيد من الشغف والكتابة.”