“وقد عُهِدَ من أهل البصيرة الاقتداء بالحيوانات، والاستفادة من خصالها وأعمالها. ويُحكى عن بعض كبار الصوفية أنه قال: "تعلمتُ المراقبة من القط."، وعن بعض حكماء المسلمين، أنه قرأ كتابا نحوا من ثلاثين مرة فلم يفهمه، فيئس منه وتركه، فرأى خنفسة تتسلق جدارا وتقع، فعَدَّ عليها الوقوع فزاد على ثلاثين مرة، ولم تيأس حتى تمكنت بعد ذلك من تسلقه والانتهاء إلى حيث أرادت، فقال: "لن أرضى أن تكون هذه الخنفساء أثبت مني وأقوى عزيمة."، فرجع إلى الكتاب فقرأه حتى فهمه.”
“من الصعب على الرجل أن يضحك من نكتة سمعها ثلاثين مرة ، ولذلك يبدأ دبيب الفتور بعد شهر العسل”
“فلقد شاهد يوماً - وكان يسير مع الشيخ رشيد رضا - فلاحاً مصرياً يلتهم عوداً من القصب , فيمتص أجزاءه , فلا يدعها إلا وقد جفت تمام الجفاف , فنظر الأستاذ الإمام إلى الشيخ رشيد قائلاً " انظر إلى هذا الرجل كيف يمتص هذا القصب ؟ .. هكذا يفعل الإنجليز في امتصاص ثروة البلاد واستخدام الرجال المقتدرين على العمل فيها .. هم يحافظون على الشيخ أو الشخص ما وجدوا فيه فائدة لهم , حتى إذا ما رأوا أنه لم يبق فيه أدني فائدة ألقوه كما يلقي هذا الفلاح ما يمصه من ألياف القصب إذا جف ولم يبق فيه شئ من الحلاوة .. !”
“وقد ثبت بالتجربة غير مرة أنه لا فائدة من النقاش مع بعض الناس. الزمن وحده كفيلٌ بردعهم، لكن لبَّ القضية يكمن في أنهم لا يرتدعون إلا بعد أن تكون الكارثة قد أطاحت بالجميع. هل إلى الخلاص من سبيل؟”
“أما أمر الحكومة و المحكوم ، فتركته للقدر و ليد الله بعد ذلك تدبيره ، لأنني عرفت أنه ثمرة تجنيها الأمم من غراس تغرسه و تقوم على تنميته السنين الطوال”
“و هناك أمر آخر كنت من دعاته و الناس جميعا في عمى عنه و بعد عن تعلقه و لكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، و ما أصابهم الوهن و الضعف و الذل إلا بخلو مجتمعهم منه ، و ذلك هو : التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب ، و ما للشعب من حق العدالة على الحكومة ... أن الحاكم و إن وجبت طاعته فهو من البشر الذين يخطئون و تغلبهم شهواتهم ، و أنه لا يرده عن خطأه و لا يوقف طغيان شهوته إلا نصح الأمة له بالقول و الفعل. جهرنا بهذا القول و الاستبداد في عنفوانه ، و الظلم قابض على صولجانه ، و يد الظالم من حديد ، و الناس كلهم عبيد له أي عبيد”
“إن العمل على اخراج الإنجليز من مصر عمل كبير جداً , ولا بد في الوصول إلى غاية منه من السير في الجهاد على منهاج الحكمة , والدأب على العمل الطويل ولو لعدة قرون .. ؟!”