“يجب أن يجد مثقفونا الشجاعة الكافية ليناقشوا طبيعة الدين نفسه و دوره فى المجتمع و حاجتنا إلى تغيير فهمنا الموروث لهذه الطبيعة و هذا الدور تغييراً أساسياً ،،،”
“يحدث التغيير الحقيقيى إذا استطاعت الثورة أن تدخل تغييراً أساسياً على وعى المجتمع نفسه، بتغيير نظرته إلى العلاقات الأساسية التى بين الإنسان و عالم المادة، و التى بين الإنسان و أخيه الإنساتن. و تتمثل هذه النظرة فيما للمجتمع من مفاهيم و قيم.”
“آن لنا أن نُدخل على فهمنا لمعنى الوطنية تغييراً جذرياً يؤدى بنا إلى أن نُدرك أن الوطنية ليست مجرد الاعتزاز بالوطن و التفاخر بمحامده و إعلان مزاياه و مناقبه، بل الوطنية الصحيحة؛ هى الرؤية الواضحة الواعية لحقيقة الأحوال و الأوضاع، خيرها و شرها، حسنها و قبيحها. ليس هذا فحسب، بل إن الجزء الأثمن من الوطنية هو الذي يدرك النقائص و العيوب و يعترف بها بها اعترافاً صادقاً أميناً. هذا هو الجزء الأكبر نفعاً، و هو الذي يحتاج إلى نصيب أهعظم من الشجاعة و التضحية، فهو أكبر دليل على صدق الرغبة فى خدمة الوطن و نفعه ،،،”
“إن أنت قرأت فى تاريخ الجهاد الفكري و تدبرت سير الدعاة إلى الإصلاح أو الثورة فإنك واجد أن كل الداعين إلى رأى جديد أو مذهب جديد يخالف ما شاع فى مجتمعهم قد اتهموا بأنهم إنما جاؤوا ليفسدوا المجتمع الفاضل و يشيعوا التحلل الخلقي. تجد هذا فى التاريخ الغربي منطبقاً على كل مفكر واعٍ من سقراط إلى برنارد شو، و تجده فى تاريخنا الحديث منطبقاً على كبار مفكرينا و دعاة الإصلاح بيننا، مثل جمال الدين الأفغانى و محمد عبده و قاسم أمين و على عبد الرازق و سلامة موسي و طه حسين ،،،”
“لننظر الآن إلى ادعاء رجال الدين أن لديهم ف كتبهم الدينية نظاماً يصلح لكل مكان و كل زمان دون أن يحتاج إلى تغيير أو إضافة، نظاماً قد شمل كل كبيرة و صغيرة لا فى مسائل العقيدة وحدها بل فى شؤون الدنيا و حاجات الحياة أيضاً. و هو ادعاء لا يفتؤون ينشرونه و يكررونه، و يستشهدون له بآيات أو أجزاء من آيات يحرفونها عن مواضعها، و يحمّلونها فوق ما يحتمل معناها. كاستشهادهم بقوله تعالى "ما فرطنا فى الكتاب من شئ"، و قوله "تبياناً لكل شئ"، و قوله "و تفصيل كل شئ" و قوله "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتى".ينسون أن الحديث فى الآية الأولى ليس عن القرآن بل عن اللوح المحفوظ، و يرفضون أن يسلموا بأن المقصود فى الآيات الأخرى أصول العقيدة التى بها يتميز الإسلام عن ثائر الأديان فيصرون على أن المراد فيها أيضاً كل ما تحتاجه حياة البشر من قوانين و معاملات ،،،”
“يجب علينا أن نقاوم كل محاولة لكبت الرأى الجديد باسم الدين، و لابد أن نسمح لهذا الرأى بالنشر و الإذاعة و بحق النقاش و الجدل مهما بدا لنا مخالفاً لعقيدتنا الدينية ،،،”
“إذا فكرنا و سألنا كيف تحولت دعوة كانت فى مبدئها ثورية تقدمية عصرية، إلى أداة حَجْر على الفكر و تجميد للمجتمع، هدانا تفكيرنا إلى علتين لم تكونا فى الإسلام الأول، بل ظهرت كلتاهما فى عصور انحدار الحضارة الإسلامية، ثم رسختا و توطدتا حتى خيل للناس أنهما من أصول الدين الإسلامى. إحداهما بروز طبقة تحتكر تفسير الدين، و تدّعى أن لها وحدها حق التحدث باسمه و إصدار الحكم فيما يوافقه من الآراء و المذاهب و ما لا يوافقه، أى طبقة كهنوتية و إن لم تتسم بهذا الاسم صراحة. و ثانيتهما اعتقاد تلك الطبقة أن ما ورد فى المصادر الدينية السابقة من تشريعات و أجوبة و حلول هى تعاليم ملزمة يُفرض إتباعها و لا يجوز تعديلها أو تغييرها فى كل الأمور جميعاً، سواء فيما يختص منها بأمور العقيدة و ما يتطرق إلى أمور المعاش ،،،”