“تخلف العالم الإسلامي قضية معروفة وإن كانت مخجلة! وهذا التخلف أطمع الأقوياء فيه! بل قد طمع فيه من لا حسن الدفاع عن نفسه! وشر من ذلك أن هذا التخلف ألصق بالإسلام تهما كثيرة٬ بل إن عقائد خرافية فكرت في إقصائه ووضع اليد على أتباعه..! ولست ألوم أحدا استهان بنا أو ساء ظنه بديننا مادمنا المسئولين الأوائل عن هذا البلاء ٬ إن القطيع السائب لابد أن تفترسه الذئاب. وقد نهض كثيرون لمعالجة هذا الانحدار ٬ وإزاحة العوائق التي تمنع التجاوب بين الأمة ودينها أو إزالة الأسباب التي جعلت أمة كانت طليعة العالم ألف عام تتراجع هائمة على وجهها في مؤخرة القافلة البشرية... ورأيت ناشدى الإصلاح فريقين ٬ فريقا يتجه إلى الحكم على أنه أداة سريعة لتغيير الأوضاع ٬ وفريقا يتجه إلى الجماهير يرى في ترشيدها الخير كله.. قلت في نفسي: إن الذين يسعون إلى السلطة لتحقيق رسالة رفيعة لابد أن يكونوا من الصديقين والشهداء والصالحين أو من الحكماء المتجردين والفلاسفة المحلقين! وأين هؤلاء وأولئك؟ إنهم لم ينعدموا ٬ ولكنهم في الشرق الإسلامي عملة نادرة. ومع ذلك ٬ فان أي حكم رفيع القدر لن يبلغ غايته إلا إذا ظاهره شعب نفيس المعدن عالي الهمة.!إذن الشعوب هي الأصل ٬ أو هي المرجع الأخير! وعلى بغاة الخير أن يختلطوا بالجماهير لا ليذوبوا فيها وإنما ليرفعوا مستواها ويفكوا قيودها النفسية والفكرية ٬ قيودها الموروثة أو التي أقبلت مع الاستعمار الحديث...وجاء الاعتراض السريع: إن السلطات القائمة لن تأذن لهم بذلك فهذه السلطات إن لم تؤجل على منافعها وجلت من القوى الكبرى التي تملك زمام الأمور في العالم الكبير ٬ ومن ثم فسوف تخرس الدعاة وأولى النهي...ولم تخدعني هذه الحجة على وجاهتها الظاهرة ٬ ولم أرها ذريعة للاشتباك مع الحاكمين ٬ وأخذ الزمام من أيديهم بالقوة ٬ فقد راقبت كثيراً من مراحل الصراع على السلطة درست ناسا نجحوا في الوصول إلى المناصب الكبرى فلم أرهم صنعوا شيئا٬ بل لعلهم زادوا الطين بلة..!إنني أناشد أولى الغيرة على الإسلام وأولى العزم من الدعاة أن يعيدوا النظر في أساليب عرض الإسلام والدفاع عنه ٬ وأن يبذلوا وسعهم في تغيير الشعوب والأفكار ٬ سائرين في الطريق نفسه الذي سار فيه المرسلون من قبل...والإسلام اليوم يعانى من أمرين: الأول تصوُّر مشوَّش يخلط بين الأصول والفروع ٬ وبين التعاليم المعصومة والتطبيقات التي تحتمل الخطأ والصواب وقد يتبنى أحكاما وهمية ويدافع عنها دفاعه عن الوحي .....”
“أولي العزم من الدعاة أن يعيدوا النظر في أساليب عرض الإسلام والدفاع عنه، وأن يبذلوا وسعهم في تغيير الشعوب والأفكار، سائرين في الطريق نفسه الذي سار فيه المرسلون من قبل... وليس العمل المطلوب مضغ كلمات فارغة، أو مجادلات فقهية، أو خصومات تاريخية، إن العمل المطلوب أسمى من ذلك وأجدى!”.”
“ولست ألوم أحدا استهان بنا أو ساء ظنه بديننا مادمنا المسئولين الأوائل عن هذا البلاء، ان القطيع السائب لابد أن تفترسه الذئاب”
“أن دراسة العلوم الحديثة واجب إسلامي أول، وأن أي عقل نظيف يدرك أن هذه الدراسات امتداد محتوم لحديث القرآن الكريم عن الكون، وأن نتائج الجهود العقلية الذكية دعم للإيمان الصحيح، ودمغ للإلحاد.وعلماء الدين الذين يبتعدون عن هذه الدرسات عمدا هم أنصاف أميين، وربما أساءوا إلى الإسلام من حيث يبغون الإحسان إليه.وقد أشرنا في كتبنا الأخرى إلى أن جهاز الجهاد الإسلامي سوف يتوقف كل التوقف بالجهل في هذه الميادين، بل إن العقل الإسلامي نفسه سوف يضار من هذا القصور.والحق أن دراسة هذه العلوم أولى من التوفر على تفاصيل فقهية ما كان يعرفها الصحابة رضوان الله عليهم! بل أولى من الخوض في بحوث لاهوتية وجدل كلامي لو خاض فيه سلفنا الأول ما قامت لهم دولة ولا شمخت لهم حضارة.”
“إن قضية فلسطين هي قضية الإسلام!! والمسجد الأقصى ليس أثراً عربياً إنما هو معلم إسلامي يعين جميع الأجناس التي اعتنقت هذا الدين.والأرض من الفرات إلى النيل هي الامتداد الزماني والمكاني لجهاد السلف الأول الذي قضى على الإمبراطوريات الكسروية والقيصرية, وأقام الحنيفية السمحة في هذه الأرجاء.وضياع الأقطار الإسلامية من الفرات إلى النيل معناه ضرب الوسط تمهيداً للإجهاز على بقية الأطراف في الشرق والغرب.إن المؤامرة على الإسلام هائلة, وإذا لم نصحُ من غفلتنا فستحيق بنا اللعنة.إن اليهود منذ جاءوا إلى فلسطين أيام الاحتلال البريطاني, لم يفكروا في صلح, ولم يخطر ببالهم إلا إقامة إسرائيل الكبرى, وقد أعنَّاهم على أنفسنا بفرقتنا المؤسفة, وتحوُّل العرب والمسلمين إلى شراذم مهتمة بمآربها الصغرى, مغطاة العين عما يراد بها.أريد أن أقول لمن تخدعهم صيحات الصلح: إننا نؤمل في سراب, وإن أعداءنا ماضون حسب مخططهم الديني المعروف.ولن ننجو من أحابيل الخصوم الظاهرين والأخفياء إلا بعودتنا إلى الإسلام في قوة تعادل أو تزيد على عودة خصومنا إلى مواريثهم, واستمساكهم بدينهم, وحماسهم لمقدَّساتهمالحق المر,”
“لقد قرّر اليهود إقامة وطن قومي لهم في فلسطين, وتحوّلت أمانيهم الدينية إلى مخططات مدروسة تنفَّذ بدقة وصرامة.فهم باسم التوراة والتلمود جاءوا. وتحت شعارات من الوحي الذي يقدِّسونه تحركت مواكبهم من أرجاء الشرق والغرب صوب فلسطين.وفلسطين عندما قرّر اليهود الاستيلاء عليها لم تكن أرضاً خلاءً, بل كانت مسكونة بألوف مؤلفة من العرب.ومعنى تهويد هذه الأرض طرد مَن عليها من سكان أو إبادتهم وفق تعاليم العهد القديم.وقد أعان الاستعمار إعانة فعّالة على تحقيق هذه الغايات وتقريب بعيدها وتذليل صعابها, وانتهى الأمر في سنة 1368هـ إلى قيام دولة لليهود تحاول البقاء في وجه مقاومة متفرقة من العرب الذين صحوا على أشباح الضياع والذل والخيانة تحيط بهم من كل مكان, فهل يحتاج فهم هذا الموقف إلى ذكاء سطحي أو عميق؟إن الحرب قد أُعلنت بالفعل على العرب, وهدفها المحدّد إجلاؤهم أو إفناؤهم وإقامة وجود ديني يهودي على أنقاض جنسهم ورسالتهم وكتابهم فأين مكان الإسلام في هذا الوضع؟إن السلام هنا معناه الاستسلام للذبح, معناه قيام إسرائيل لا داخل حدودها الحالية وحسب!! بل في الإطار الذي رسمته التوراة من الفرات إلى النيل!!ومعنى هذا – دون كدِّ الذهن أو إعمال الذكاء – سحق الوجود العربي الإسلامي في الشرق الأوسط, ثم الإجهاز على أطراف الأمة الإسلامية الكبرى في إفريقيا وآسيا بعد زوال الكيان العربي الأصيل, إذ العرب دماغ الإسلام وقلبه! وتلك هي الغاية التي تسعى لها قوّى كثيرة, وتتجمّع لتحقيقها عناصر شريرة.وإني ألمس وراء التحركات الكثيرة ضد فلسطين وأهلها هذه النيّات السود وتلك الأهداف الرهيبة, وإن أعجب فعجبي للذين يقادون إلى مصارعهم وهم مخدَّرون, وتلطمهم الأحداث وهم غافلون.{أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون} [التوبة: 126].إن الحرب فُرضت فرضاً على العرب فلا خيار لهم بإزائها, ولا مكان للتساؤل عن فرص تجنبها بعدما دارت رحاها على يومنا وغدنا.ولا معنى لتجنُّب الحرب إلا الاستسلام للفناء, والرضا بالتلاشي والانقضاء, وما دام القتال قد كُتب علينا بدوافع دينية وأحقاد تاريخية وأطماع استعمارية, وما دامت غايته إبادتنا, فلا بدن أن نتلاقى عرباًَ ومسلمين, حكومات وشعوباً لرد هذه الغائلة, واستبقاء وجودنا المهدَّد.إن الحرب المعلَنة علينا دينية لا يماري في ذلك عاقل, وما دامت العقيدة سلاحاً يرتكز عليه العدوان, فلمَ لا تكون العقيدة سلاحاً يرتكز عليه الدفاع؟وما معنى إبعاد الإسلام عن معركة هو فيها مستهدَف؟ وأمنه فيه ضحية اليوم والغد؟إنني أعتقد في أعماق قلبي أن إبعاد الإسلام عن المعركة لا يخدم إلا اليهود ومَن وراءهم من الحاقدين على رسالة محمد وجنسه والقدامى والمحدثين.وإبعاد الإسلام عن القتال الدائر أنفع ليهود من إمدادهم بألف طائرة من أفتك طراز.إنه لا يفل الحديد إلا الحديد, ولا يصد عدواناً يعتمد على دين إلا دفاع يستند إلى دينقذائف الحق:”
“من اللحظة التي طُرد فيها آدم من الجنة لم يتخلص من الحرية ولم يهرب الى المآساة ، فهو لا يستطيع أن يكون بريئًا كالحيوان أو الملاك ، إنما كان عليه في أن يختار في أن يكون خيّرًا أو شريرًا ، ، باختصار أن يكون إنسانًا ، هذه القدرة على الاختيار بصرف النظر عن النتيجة ، هي أعلى شكل من أشكال الوجود الممكن في هذا الكون .”